المضارب الزاهية و ترفع القباب العالية و تفرش بالسجّاد النفيس، و تطوف أباريق القهوة و أقداح الشاي، و أطباق الحلوى على الذين يحضرون لوداع الحاج إلى بيت اللّه الحرام.
و تدوم أعراس البسيطة ثلاثة أيام، و في صبيحة اليوم الثالث يقرع طبل السفر (الدمّام) و يرفرف فوقه علم أمير الحجّاج، و تمتدّ سطور الإبل، و هي تتهادى بين الزغاريد مزفوفة و متّجهة إلى قرية الرحبة الواقعة في بادية النجف الجنوبية و هي على مرحلة منها.
و كانت البسيطة، قاعدة تجارية للنجف ترتبط بمدينة حائل الواقعة حول جبلي "أجا و سلمى". كان النجفيون يسيطرون على هذا الطريق البرّي من القديم و كانوا خبّاره كما نوّه بذلك ابن بطوطة عند مروره بهذه المواضع في القرن الثامن للهجرة سنة 726 هـ-1326 م و زار مرقد أمير المؤمنين عليه السّلام.
و كان للنجفيين بيوت تجارية في حارة كبيرة من حائل تكوّنت منها، و حيّا معروفا، مثل بيت شكر، و بيت حبّوبي، و لفظة حبّوبي البدويّة جاءت لهذا البيت العلوي الحسني الجليل من حائل، و مثل بيت مرزه البيت الأسدي، و بيت عجينة، و بيت زيني، و بيت الشاوي و هو غير بيت الشاوي البغدادي، و بيت الصايغ، و غيرها من البيوتات النجفية. و لم تنقطع صلة النجف التجارية مع بادية النجف و نجد و إلى اليوم، فأبدلت حائل القديمة بعرعر و رفحة و سكاكة و الجوف. [1]
25-الحيرة
إرتبط تاريخ النجف بتاريخ الحيرة ارتباطا وثيقا، بل كان متّحدا في نواح شتّى، باعتبار أنّ موقع الحيرة ضمن حدود موضع النجف الجغرافي. و كان موضع النجف قبل بزوغ الإسلام مصيفا و مصحّا لملوك الحيرة و الفرس الساسانيين و أمرائهم يختلفون إليه للراحة و الاستجمام لطيب هوائه و صفاء مناخه، كما تقدّم أنّ من أسماء النجف"دومة الحيرة".