فأصبحت أرض الصحن في منخفض شديد، و بقيت أرضيّة صحن المشهد الغروي على تلك الحالة حتى أوائل القرن الثالث عشر الهجري. فقد صدر الأمر حينها من قبل والي بغداد العثماني بقلع هذه الدكاك و القباب و المحاريب من أرض الصحن و تبليطها بالرخام، فتصدّى العالم الكبير السيّد محمد مهدي بحر العلوم بعد مشورة زملائه العلماء الأعلام في النجف الأشرف لمنعهم من هذا الإجراء، و اتّفقوا على أمر واحد هو أن تبقى هذه الآثار البارزة كما هي دون قلع، و تقام فيما بينها أساطين محكمة، ثم تسقف ليصبح السقف أرضا جديدة للصحن، و أفتى السيّد و العلماء الأعلام بجواز ذلك. [1]
و بعد أن أنشئت هذه الأساطين و صار سقف تلك القباب أرضا، ارتفعت أرضيّة الصحن و أصبحت-كما هي عليه اليوم-ملائمة لمستوى أرض مدينة النجف، خصوصا الأزقّة التي تفضي إلى الصحن. و قد عبّدت أرض الصحن بالصخر الأبيض في سنة 1206 هـ، و كتب تاريخ هذه العمارة في قصيدة بالعربية و أخرى بالفارسيّة نقشت على بلاطات من القاشاني تكسو جانبي الباب الكبير الشرقي، و ذكر فيها اسم الرجل الباذل لنفقات العمارة و هو"مير خير اللّه"، و القصيدة للشاعر الشهير السيّد محمد زيني النجفي المتوفى سنة 1216 هـ، و هي مثبتة في ديوانه المخطوط مشتملة على مدح الباذل و الثناء عليه و عدّة تواريخ أيضا، مطلعها:
لقد أنعم الباري و جلّ عطاؤه # على (مير خير اللّه) و هو رجاؤه
إلى أن قال، و هو المكتوب على واجهة باب الصحن:
جزى (مير خير اللّه) خيرا إلهه # كما جلّ في الدارين منه جزاؤه
فقد كان تعظيم الشعائر دابه # و في كلّ ما يرضي الإله اعتناؤه