عرّف الأراميّون بحر النجف باسم"فرثا"بمعنى"البثقة" [1] . و أطلق اليهود عليه اسم "حاشير"و معناه"مجموع المياه"، و هذا اللفظ و"الحشر"بالعربية بمعنى"الجمع"من أصل واحد. [2]
الملاحة إلى جهات العراق و الهند و الصين
كان بحر النجف في العصور القديمة مليئا بالمياه، تصله الجداول و الأنهار، ثمّ بالخليج، ممّا جعله ميناء ترسو فيه السفن للملاحة من و إلى جهات العراق و الهند و الصين، و بقي صالحا للملاحة حتى جفافه الأخير. و كان بحّار البندقيّة و جنوة في القرن السادس عشر الميلادي يسلكون باستمرار الطريق الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالسواحل الإيرانية و كانوا في طريقهم ينزلون خانات بغداد أو بابل و يشاهدون النجف أو يتلبثون أيام مرورهم. [3]
و يظهر أنّ الخندق الكبير الذي بناه الملك الساساني سابور ذو الأكتاف كان أحد حلقات الوصل بين بحر فارس و بحر النجف في أحد أدواره.
قال ياقوت الحموي: و خندق سابور في برّيّة الكوفة، حفره سابور بينه و بين العرب خوفا من شرّهم، قالوا: كانت هيت وعانات مضافة إلى طسّوج الأنبار، فلمّا ملك أنوشروان (531-579 م) بلغه أنّ طوائف من الأعراب يغيرون على ما قرب من السواد إلى البادية، فأمر بتجديد سور مدينة تعرف بالنسر، كان سابور ذو الأكتاف بناها و جعلها مسلحة تحفظ ما قرب من البادية، و أمر بحفر خندق من هيت يشقّ طفّ البادية إلى كاظمة ممّا يلي البصرة و ينفذ إلى البحر. [4]
[1] بثق السيل موضع كذا: أي خرقه و شقّه. و فلان باثق الكرم أي غزيره. (لسان العرب: مادة"بثق")