و جمع رجال القبائل و المهندسين باذلا أموالا طائلة و أخرجوا له جدولا من الفرات عند المسيّب، و لمّا وصل أرضا مرتفعة شقّوا وسطه نهرا عميقا إلى النجف حدود سنة 1208 هـ ثمّ بعد سنين امتلأ النهر طينا و رملا و لم يجر فيه الماء.
و سعى بحفره ثانيا الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر من حدود الجدول الذي حفره آصف الدولة حتى النجف، و لكنّ الماء لم يصل إلى النجف، ثمّ توفي الشيخ صاحب الجواهر سنة 1266 هـ فلم يتمّ فيه عمل بعد و بقي معطّلا حوالي ستة عشر عاما.
ثم أراد اللّه تعالى أن يسقي النجف و أهلها على يد السيّد أسد اللّه، فشرع في حفر نهر الشيخ ثالثا حتى وصل الماء على بعد ثلثي فرسخ و وقف الماء، لارتفاع أرض النجف.
و في شهر رمضان من سنة 1287 هـ زار السلطان ناصر الدين شاه العتبات المقدّسة و وقف على كري السيّد فلم يظن فيه نجاحا لارتفاع أرض النجف، و أعلم السيّد عند وصوله إلى إيران بعدم النجاح، فعندئذ عدل السيّد عن حفر نهر في الأرض المرتفعة إلى حفر قنوات جوفيّة مع الإسراع في العمل و زيادة العمّال و الأموال فأسرع جري الماء إلى النجف، و استمرّ عمل السيّد ست سنين.
كان تاريخ وصول الماء إلى النجف سنة 1288 هـ، و صار ليوم وصول الماء إلى النجف مشهد عظيم. و أرّخ عام وصوله الشعراء، و أحسن من أرّخه المعاصر إمام الحرمين الميرزا محمد بن عبد الوهاب بن داود الهمداني المتوفى سنة 1303 هـ، بقوله:
مذ أسد اللّه الهمام السري # سليل ساقي الناس من كوثر
أجرى إلى الغري ماء مري # قد أرّخوه (جاء ماء الغري)
و حملوا إلى السيّد في إيران قارورتين من الماء للبشارة. قيل و اعترضه البشير في الطريق و هو قاصد زيارات العتبات المقدّسة في سنة 1290 هـ فاخترمه الأجل في الطريق في"كرند"و حمل جثمانه إلى النجف. [1] كما أرّخه الهمداني أيضا بقوله: