و تطوّرت الزيارة لهذه المدينة المقدّسة إلى شبه حج قائم على مدار السنة. و أشار الرحّالة ابن بطوطة في عام 726 هـ إلى أيام الزيارة في النجف بقوله:
و هذه الروضة ظهرت بها كرامات لأنّ بها قبر علي عليه السّلام، فمنها أنّ في ليلة السابع و العشرين من رجب[أي ليلة المبعث النبوي الشريف]و تسمى عندهم"ليلة المحيا" يؤتى إلى تلك الروضة بكلّ مقعد من العراقين و خراسان و بلاد فارس و الروم، فيجتمع منهم الثلاثون و الأربعون... و هذه الليلة يجتمع لها الناس من البلاد و يقيمون سوقا عظيمة مدّة عشرة أيّام. [1]
أمّا الرحّالة الدانماركي نيبور الذي زار النجف سنة 1179 هـ-1765 م فهو يقدّر عدد الزوّار الذين كانوا يقصدون النجف يومذاك بحوالي خمسة آلاف زائر في السنة. [2]
و في سنة 1240 هـ-1824 م مرّ المسيو فونتانيية-نائب القنصل الفرنسي في البصرة يومذاك-ببغداد وزار واليها داود باشا، و كتب في وصفها ما يشير به إلى النجف، فهو يقول: أصبحت بغداد مجمعا للمسلمين نظرا لوجود ضريح الإمام علي على مسافة منها، و لا شك أنّ وجوده يدعو شيعته إلى زيارته و القدوم إليه... و يقال إنّ مئة ألف أجنبي يمرّون سنويا بمدينة بغداد للذهاب إلى ضريح الإمام علي. و هذا الإزدحام يجعل من أيّة نقطة في البر وسطا تجاريا كبيرا. [3]
و قال الرحّالة الإنگليزي لوفتس عند زيارته للنجف عام 1270 هـ: إنّ لقدسيّة النجف كان يقصدها الزوّار الشيعة من جميع الأنحاء، و على هؤلاء كانت تعيش البلدة بأجمعها.
و أنّ توارد الزوّار على النجف بكثرة قد أغناها غناء غير يسير في تلك الأيام. و كان يقدّر معدّل عدد الزوّار الذين كانوا يفدون عليها في كلّ سنة بمقدار (000,80) شخصا. [4]