يلتمس الظرف و الدعابة و لكن ضمن أطار محكم من الاتزان و حسن السمت. و من ألوان دعابته هذه الأرجوزة التي نظمها على أثر اختياره حكما في هذه المعركة:
حمدا لمن لا ينتهي علاه # لم يحص حقّ حمده سواه
ثم صلاة اللّه خالق البشر # على محمد و آله الغرر
إلى أن قال:
و الرأي كالطبع فقد يختلف # فميّزوا إن شئتم و استأنفوا
لست محكّما بما قد حكموا # و إنّما أنظر فيما نظموا
أميّز المحكم من آياته # و أترك الرأي على علاته
لا أتخطّى أدبا إلى النسب # و قول لا أعلم من حسن الأدب
لا أتعدّى من حدودي خطرا # معرفة فكيف أنساب الورى
فخذ إليك ما إليه أذهب # و لا أبالي أرضوا أم غضبوا
إنّي رأيت رجزا مستحسنا # لكنّ فيه حسنا و أحسنا
تجمعه الرقّة و هو شتّى # و ما تساوى جهة و سمتا
تختلف الغصون في مهواها # و إنّ جذرا واحدا حواها
رجز (الجواد) تحفة من تحفه # و هذه بعض لئالي صدفه
قد راق لي كرقّة الصهباء # في طرف المدح أو الهجاء
لكنّه لقد أجاد حين قص # فإنّه قصّ فأحسن القصص
أحصى فكان ريشة المصوّر # أو ككتاب اللّه يوم المحشر
أظنّه من دقّة الأوصاف # إن يحك صوتا فكفونغراف
و جاء ثالثا كمن قد صلّى # أو كالذي من بينهم قد جلّى
بينهما و بينه الفرق اختفى # يدركه الذوق إذا تفلسفا
لم قال قد أخرس بعد نادى # و ما أرى في هذه أجادا