و يعرف أيضا بالتاريخ الشعري، و ممّن عرّفه بذلك جرجي زيدان في كتابه"تاريخ اللغة العربية"و حدّد زمان ظهوره، فقال: و هذا النوع من التاريخ شايع اليوم لكنّه من محدثات العصور الأخيرة، لم نقف على شيء منه أقدم من أوائل القرن العاشر للهجرة على أثر فتح العثمانيين مصر.
و تسميته لم تكن مطابقة للمسمّى، فإنّ التاريخ لم ينحصر بالشعر فقط بل استعمل في النثر و الجمل، و روعته في النثر لا تقلّ عن الشعر إن لم تتفوّق عليه أحيانا، و نموذج من تاريخ الجمل"بلدة طيّبة"أرّخ بها عام فتح القسطنطينية، أي سنة 966 هـ.
و عرّفه الشيخ جعفر النقدي في رسالة خاصّة بحث فيها هذا الفن و أسماه"ضبط التاريخ بالأحرف"، و قد عالج الموضوع علاجا متينا، و استظهر أن يكون ظهوره أقدم ممّا ذكره جرجي زيدان، و استشهد بتواريخ قديمة، كما عالج فيه كيفية الاهتداء إلى معرفته، و طريقة ضبطه هو: "ما يكتب يحسب".
و عرف بهذا الفن: الشيخ محمد علي بن حسين بن محمد الأعسم المتوفى سنة 1233 هـ، و هو عالم جليل، و شاعر معروف، أرّخ الكثير من الحوادث، و من نوادره في ذلك حينما أرّخ وفاة السيّد سليمان الحلّي عام 1211 هـ في قصيدة، قال في تاريخها:
نعى سليمان ناعيه فأرّخه # (انهدّ ركن من الإسلام و انثلما)
و التاريخ ينقص، و عند ما قرأه السيّد داود على أخيه السيّد حسين، قال: إنّ الشيخ الأعسم قد سهى، و إنّما يريد هكذا: "انثل ركن من الإسلام و انهدما"، و عند ما سمع الشيخ الأعسم بذلك، أرسل إلى السيّد داود هذه الأبيات:
تلك النقيصة ما زلّت بها قدمي # و إنّما صدرت سهوا من القلم
ما كان نقصانها يخفى على أحد # و ليس في مثلها مثلي بمتّهم
لي شاهدان على صدقي مرادفها # و فضل معرفتي في العد للكلم