فالاولى ذكر الأمر الثامن و كذلك الأمر التاسع و العاشر بعد البحث عن أصل المسألة و تحقيق الحق فيها.
إذا عرفت ذلك كله، فندخل في أصل البحث بعون اللّه تعالى.
دليل امتناع الاجتماع و نقده
اعلم: أنّه ادّعي شهرة القول بالامتناع بين القدماء، و لكن الحق عدمها. بل يمكن دعوى عدم توجه جلّ المتقدمين لو لا الكل بهذه المسألة [1]، و إنّما ذهب إلى القول بالامتناع جماعة من المتأخرين، و اختار الجواز جماعة من محققيهم.
و عمدة ما استند إليه القائل بالامتناع: لزوم اجتماع الضدين، و بيانه: أنّه لو قلنا بجواز توجه الأمر و النهي بحيثيتين يكون بينهما عموم من وجه يلزم اجتماع الضدين في محل واحد و هما الوجوب و الحرمة.
و اجيب: بأنّه لا يلزم من ذلك اجتماع الضدين في محل واحد؛ لأنّ الوجوب متعلق بذلك الفرد لكن لم يتعلق في الحقيقة إلّا بالحيثية التي بها يصدق عليه أنّه صلاة مثلا، و الحرمة تعرض لذلك الفرد و لكن عرضت على الحيثية التي بها يصدق عليه أنّه غصب، فكلما يكون متبعضا في نظر الحس أو العقل فلا مانع من كون كل واحد من أبعاضه معروضا لعرض يكون هذا العرض ضدا لما يعرض بعضه الآخر.
[1]. و سيأتي تفصيل ذلك في الصفحة 306 متنا و هامشا.