و كذلك الحال إذا دل الأصل كالبراءة الشرعية، على نفي جزئية شيء أو شرطيته أو عدم قاطعيته فإنّ مقتضى ما يستفاد من حديث الرفع [1] في جنب الأحكام الواقعية: كون الأصل المصطاد من مثل هذا الحديث حاكما على تلك الأحكام و موسعا لدائرة الموضوع في ظرف الجهل أو النسيان، و أنّ هذا الفرد الفاقد للجزء (المنفي جزئيته بالأصل) فرد للمأمور به، فلا إشكال في كل ما كان من هذا القبيل من القول بالإجزاء و اتساع نطاق المأمور به. هذا كله فيما كان دليل الحكم الظاهري أصلا.
المقام الثاني: إجزاء الإتيان بمقتضى الأمارات الشرعية
و أمّا إذا كان دليل الحكم الظاهري أمارة من الأمارات كما إذا قامت البينة على إتيان الركوع، أو أخبر عدل بقراءة السورة، أو عدم جزئيتها للصلاة، أو عدم مانعية القهقهة لها، و غير ذلك. فإن قلنا بلزوم ملاحظة لسان نفس الأمارة مع دليل الحكم الواقعي، فدلالته على عدم الإجزاء ممّا لا ينكر، لأنّ لسان الأمارة كما ينادي بحصول ما هو الشرط واقعا، ينادي أيضا بعدم الإجزاء بعد كشف الخلاف.
و لكننا لا نلاحظ لسان الأمارة بل نلاحظ دليل حجية الأمارة مثل
[1]. التوحيد: 353/ 24 باب الاستطاعة؛ الخصال: 417/ 9 باب التسعة؛ وسائل الشيعة، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس، ب 56، ح 1.