تعرّض أهل البيت بعد وفاة الرسول (صلّى اللّه عليه و آله) لمحنة شديدة، و كان لهذه المحنة جذور عميقة تمتدّ إلى أيام الجاهلية، و ظهرت أيام النبي (صلّى اللّه عليه و آله)، و اشتدّت بعد وفاته ...
و كانت هناك أحداث عاتية قد حدثت في أيام ثالث الخلفاء عثمان رضي اللّه عنه، انتهت بمصرعه على يد بعض الثوّار الذين حاصروا داره عدّة أيام، ثم قتلوه و هو يقرأ في مصحفه، و كان بين المدافعين عنه ابنا علي (كرّم اللّه وجهه): الحسن و الحسين، و حين علم «علي» بمقتل الخليفة جاء إلى الدار حزينا والها، و ثار غاضبا في وجه ابنيه، و قال لهما: كيف قتل أمير المؤمنين و أنتما على الباب؟ و شتم محمد بن طلحة، و لعن «عبد اللّه بن الزبير».
و اجتمع الناس على «علي» يبايعونه، و لم يكن بالراغب في هذه البيعة، و قال للناس و قد اجتمعوا حوله و تكاثروا عليه: «لا حاجة لي في أمركم، فمن اخترتم رضيت به». و كأنّه رضي اللّه عنه كان يحسّ بما ستنتهي إليه الأمور، و بما يبيت نحوه من غدر، و تحت إلحاحهم الشديد قبل، و صعد المنبر و ألقى بيانه الذي يوضّح فيه طريقه للناس:
«ليس لي من دونكم إلّا مفاتيح مالكم معي، و ليس لي أن آخذ درهما دونكم ...».
[1]. مقتبس من مقدّمة كتاب «أهل البيت في مصر» ط. القاهرة.