... لطالما راودني حبّ الاطّلاع أن أقف بنفسي على معالم الحبّ و الودّ الذي يكنّه شعب مصر لأهل البيت (عليهم السّلام)، خصوصا و أنّ وشائج تاريخية عريقة ربطت بين الشعبين المسلمين في إيران و مصر ألقت بظلالها على المشاعر و العلاقات بينهما، ممّا جعلهما- و في مقدّمتهم العلماء و المثقّفون منهما- يستشرفون التطلّعات الثقافية في كلا البلدين، و يتبادلون الرؤى و الأفكار المتجدّدة في حركتيهما العلمية و الثقافية رغم الحواجز و الموانع التي حاول أعداء الإسلام و المسلمين وضعها لعرقلة هذا التواصل و التناصر.
و هكذا تحقّقت الأمنية، فحططت رحالي في مصر، و كانت أولى محطّاتي هي القاهرة عاصمة مصر الكنانة، و رحت أجول بقلب شغوف، و عقلية ثقافية تاريخية يقظة واعية، أجواء القاهرة و غيرها من الحواضر المصرية العريقة، فأدهشني ما رأيت من ظواهر فاقت تصوّري الأوّلي عن مدى و عمق الحبّ و الودّ الذي يحمله مسلمو مصر لأهل البيت (عليهم السّلام)، حتّى شعرت و أنا في وسط تلك الظواهر الولائية كأنّني في إيران أو العراق، حيث ألفنا المراسم و الشعائر المتعارفة في إحياء ذكرى أهل البيت (عليهم السّلام) و مدحهم أو رثائهم، فكان ممّا وقع نظري عليه و أدهشني هو الأفواج الضخمة من المسلمين المصريّين الذين يتوافدون- ليل نهار- لزيارة مساجد و مقامات أهل البيت (عليهم السّلام) في القاهرة؛ للدعاء و الصلاة و الذكر فيها.