و ما أن سمعت العقيلة السيدة زينب رضي اللّه تعالى عنها ذلك القول حتّى انتصبت قائمة تردّ على يزيد قائلة في خطبة تعدّ من أبلغ الخطب و أفصحها، عليها أنوار الحقّ، خطبة علوية فاطمية، فتقول رضي اللّه تعالى عنها:
خطبة علوية زينبية
«الحمد للّه ربّ العالمين، و صلّى اللّه على رسوله و آله أجمعين، صدق اللّه سبحانه حيث يقول: ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ [الروم: 10]، أ ظننت يا يزيد حين أخذ علينا بأقطار الأرض و آفاق السماء، فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى، أنّ بنا هوانا على اللّه، و بك عليه كرامة و أنّ ذلك لعظيم خطرك عنده، فشمخت بأنفك، و نظرت في عطفك، تضرب أصدريك [1] فرحا، و تنفض مذوريك [2] مرحا، جزلان مسرورا، حين رأيت الدنيا لك مستوثقة و الأمور متّسقة، و حين صفا لك ملكنا و سلطاننا؟! فمهلا! أنسيت قول اللّه تعالى: وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ؟
أ من العدل يا ابن الطلقاء [3]، تخديرك حرائرك و إماءك، و سوقك بنات رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) سبايا قد هتكت ستورهنّ، و أبديت وجوههنّ، تحدوا بهنّ الأباعر من بلد إلى بلد، و يستشرفهنّ أهل المناهل و المناقل، و يتصفّح وجوههنّ القريب و البعيد، و الدنيّ و الشريف، ليس معهنّ من رجالهنّ ولي، و لا من حماتهنّ حمي؟
و كيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأذكياء، و نبت لحمه من دماء الشهداء؟!