بعد أن قتلوا الحسين في كربلاء و احتزّوا رأسه الشريف، اقتحم السفلة من جند ابن زياد- و ما أكثرهم- فسطاط نساء أهل البيت و صاحباتهنّ، و أعملن فيه سلبا و نهبا و حرقا، غير مبالين بأمر عمر بن سعد الذي أمرهم به من قبل، و غير مكترثين بحرمة الموت الذي يحيط بالنساء و الأطفال من كلّ جانب، فأظهروا من القسوة و الغلظة في معاملتهنّ ما لم يعرف من قبل في مثل هذه المواقف المؤلمة.
و بعد أن قضوا أربهم، و اتمّوا سلبهم و نهبهم، و أحرقوا الخيام بما بقي فيها من متاع لم يستطيعوا حمله معهم، ساقوا أسراهم و سباياهم من الأطفال و النساء، و كان فيهم ولدان للإمام الحسن بن علي رضي اللّه تعالى عنهم جميعا، استصغر الأعداء شأنهما و سنّهما، فتركوهما دون أن يقتلوهما، كما كان فيهم كذلك زين العابدين علي بن الحسين رضي اللّه تعالى عنهما، و كان مريضا في حجر عمّته العقيلة السيدة زينب رضي اللّه تعالى عنها، و قد أراد الأعداء قتله، لو لا أن انقذته عمّته بعد أن عرضت نفسها للقتل دونه [2].
[1]. مقتبس من كتابه «السيدة زينب» ط. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة.