نام کتاب : أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية نویسنده : الخميني، السيد روح الله جلد : 1 صفحه : 65
و لو سُلّم فلنا أن نقول: إنّه لا يعتبر في صحّة العقوبة عند كافّة العقلاء الاختياريّة بالمعنى المدّعى من كون الفعل اختياريّا بجميع مبادئه، فإنّ صحّة العقوبة من الأحكام العقلائيّة و المستصحّات العقليّة، و هذا حكم جار رائج بين جميع العقلاء في الأعصار و الأدوار لا يشكّون فيه، و [قد] يشكون في الشمس في رابعة النهار، مع أنّ الإرادة ليست بالإرادة، و الاختيار ليس بالاختيار.
و ليعلم: أنّ مجرّد صدور الفعل عن علم و إرادة ليس موضوع حكم العقل لصحّة العقوبة و استحقاق العقاب؛ ضرورة أنّ الحيوانات- أيضا- إنّما [تفعل ما تفعل] بعلم و إرادة، و لو كانت إراديّة الفعل موضوعا للاستحقاق للزم الحكم باستحقاق الحيوانات، فما هو الموضوع هو صدور الفعل عن الاختيار الناشئ عن تميّز الحسن من القبيح.
و الاختيار: عبارة عن ترجيح أحد جانبي الفعل و الترك بعد تميّز المصالح و المفاسد الدنيويّة و الأخرويّة، فإنّ الإنسان بعد اشتراكه مع الحيوان بأنّ أفعاله بإرادته و علمه، يمتاز عنه بقوّة التميّز و إدراك المصالح الدنيويّة و الأخرويّة، و قوّة الترجيح بينهما، و إدراك الحسن و القبح بقوّته العقليّة المميّزة.
و هذه القوّة مناط التكليف و استحقاق الثواب و العقاب، لا مجرّد كون الفعل إراديّا، كما ورد في الروايات: (أنّ اللَّه لمّا خلق العقل استنطقه.). إلى أن قال: (بك أثيب، و بك أعاقب) [1] فالثواب و العقاب بواسطة العقل و قوّة