و إنما يدركه المحدث من حيث نسبته إليه، كما علمه من حيث نسبته إليه.
و قال الشيخ صدر الدين محمد بن إسحاق القونوي، تلميذ الشيخ الأكبر و ربيبه، في رسالة له سمّاها «مفتاح الغيب» ما نصه:
و لما كان الحق تعالى من حيث حقيقته في حجاب عزه لا نسبة بينه و بين ما ستراه، كما سبق التنبيه عليه، كان الخوض فيه من هذا الوجه، و التشوق إلى طلبه تضييعا للوقت، و طلبا لما لا يمكن تحصيله، و لا الظفر به إلا بوجه جلي، و هو أن وراء ما تعيّن به أمر به ظهر كل متعين لذلك.
قال سبحانه بلسان الرحمة و الإرشاد: وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ [آل عمران: 30]، فمن رأفته أن اختار راحتهم، و حذرهم عن السعي في طلب ما لا يحصل، لكن لهذا الوجود الحق من حيث مرتبته عروض و ظهور في نسب علمه التي هي الممكنات، و يتبع ذلك العروض و الظهور أحكام و تفاصيل و آثار بها تتعلق المعرفة التفصيلية، و فيها و منها يفهم الكلام، و أما ما وراء ذلك فلا لسان له، و لا خطاب يفصله، بل الإعراب عنه يزده إعجاما، و الإفصاح إبهاما على ما ستعرفه إن شاء اللّه تعالى. انتهى منه بلفظه.
و مثله للعارف باللّه الجامي (قدّس سرّه) في شرحه لنقش الفصوص الذي سمّاه نقض النصوص فراجعه.
و في التعريفات للسيد الشريف الجرجاني ما نصه:
حجاب العزة هو العمى و الحيرة؛ إذ لا تأثير للإدراكات الكثيفة في كنه الذات، فعدم نفوذها فيه حجاب لا يرتفع في حق الغير أبدا انتهى.
و في كتاب «اللمع الأفقية» و هو كتاب التراجم للشيخ الأكبر في ترجمة المنة ما نصه:
حجاب العزة لا يرفع، و لا يمكن أن يرفع، و آخر حجاب يرفع رداء الكبرياء عن وجهه في جنة عدن، كما جاء الخبر عن النبي (صلى اللّه عليه و سلّم).
و قال القطب سيدي عبد الكريم الجيلي في كمالاته في الكلام على اسمه تعالى (الواسع)