و قد قال الشيخ الأكبر في كتاب «التجليات» له: من لم يكن له وجود من ذاته فمنزلته منزلة العدم، و هو الباطل قال: و هذا من بعض الوجوه التي بها يمتاز الحق تعالى عن الخلق، و هو كونه موجودا أعني وجوده من ذاته انتهى.
كما أنها ليست عينا لما بين التقييد و الإطلاق من تقابل التضاد، و عليه فإثبات الوجود لها توهم؛ لأنه يتوهم الجاهل بحالها، و حقيقتها أن لها وجودا و في الحقيقة و نفس الأمر ما ثم إلا وجوده تعالى؛ لأن به ظهرت الأشياء كلها، و لذا قيل:
هذا الوجود و إن تعدد ظاهرا* * * و حياتكم ما فيه إلا أنتم
أنتم حقيقة كل موجود بدا* * * و وجودها ذي الكائنات توهم
في باطني من نوركم ما لو بدا* * * أفتي بسفك دمي الذي لا
و لو أنني أبدي سرائر جودكم* * * قال العواذل ليس هذا مسلم
و في «الإحياء» في كتاب التوحيد و التوكل في الكلام على قول لبيد:
ألا كل شيء ما خلا اللّه باطل
ما نصه: أي كل ما لا قوام بنفسه، و إنما قوامه بغيره، فهو باعتبار نفسه باطل، و إنما حقيقته، و حقيقته بغيره لا بنفسه، فإذا لا حق بالحقيقة إلا الحي القيوم الذي ليس كمثله شيء، فإنه قائم بذاته، و كل ما سواه قائم بقدرته، فهو الحق و ما سواه باطل انتهى.
و قال القاشاني في «لطائفه» في مبحث التحقيق ما نصه [1]:
التحقيق هو رؤية الحق بما يجب له من الأسماء الحسنى، و الصفات العلى، قائما بنفسه، مقيما لكل ما سواه، و أن الوجود بكمالات الوجود: أي التي هي القوى و المدارك، إنما هو له تعالى بالحقيقة و الأصالة، و لكل ما سواه بالمجاز و التبعية، بل تسميته غيره غير أو سوى مجاز أيضا؛ إذ ليس معه غير، بل كل ما يسمّى غيرا، فإنما هو فعله، و الفعل لا قيام له إلا بفاعله، فليس هو بنفسه، ليقال فيه غيرا و سوى، فكان مرجع التحقيق أن ليس في الوجود