إتيان صيغة الخطاب ناظر * * * أنّك نصب العين عندي حاضر
ليس لغيرك من الظهور * * * مالك، أنت نور كلّ نور
سرّ في تأويل إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ
(إتيان صيغة الخطاب) الموضوعة للخطاب مع المخاطب الحاضر (ناضر) إلى (إنّك نصب العين عندي حاضر)، و كيف لا تكون حاضرا و الحال أنّه (ليس لغيرك من الظهور مالك، أنت نور كلّ نور) و في الأسماء الحسنى [1]: «يا نور، يا نور كلّ نور»، و في الكتاب الإلهي اللّٰهُ نُورُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ [24/ 35] و حيثيّته النور حيثيّة الظهور، فإنّ النور هو الظاهر بالذات المظهر للغير، و هذا بنحو أتمّ حقّ حقيقة الوجود، فإنّها الظاهرة بالذات المظهرة للماهيّات كلّا، بخلاف النور الحسّي، فإنّه المظهر للمبصرات خاصّة، و بين النور الحقيقي- الّذي هو حقيقة الوجود- و النور الحسّي فروق:
الأوّل ما ذكر، فنور الوجود وسعت كلّ شيء من المبصرات و المسموعات و المذوقات و المشمومات و الملموسات و المتخيّلات و الموهومات و المعقولات و عالم الأمر و الخلق، و ما وراء الأمر و الخلق نور الأنوار.
و الثاني أنّ النور الحسّي قائم بالغير، و النور الحقيقي قائم بذاته.
و الثالث أنّ النور الحسّي انبسط على ظواهر الأجسام و أطرافها، و النور الحقيقي نفذ في بواطن المستنيرات و ظواهرها حتّى انغمرت فيه انغمار الظلمة في الضوء.
و الرابع أنّ النور الحسّي لا شعور له، و النور الحقيقي كلّه حياة و علم
[1] الدعاء المعروفة بالجوشن الكبير (شرح الأسماء الحسنى: 469): «يا نور النور، يا منور النور، يا خالق النور، يا مدبر النور، يا مقدر النور، يا نور كل نور.».