دفع توهّم إلحاق «الشكّ في التكليف النوعيّ» بالشكّ في المكلّف به
اعلم أنّ القسم الثاني من الشكّ في التكليف باعتبار اشتماله على العلم- أي علم المكلّف إجمالا بوجوب الدفن أو حرمته- قد أوجب اشتباه الأمر على بعض [1]، حتّى عدّه من قبيل الشكّ في المكلّف به [2]، كالظهر و الجمعة، مع أنّه ليس كذلك قطعا، و الشاهد عليه إمكان المخالفة و الموافقة القطعيّتين خارجا بالنسبة إلى الظهر و الجمعة- بتركهما معا و فعلهما معا- و عدم إمكانهما بالنسبة إلى الدفن في المثال.
و السرّ فيه [3] أوّلا وحدة الموضوع و المتعلّق في مثال الدفن، و تعدّدهما في مثال
[1] المراد من البعض السيّد الفيروزآباديّ (قدّس سرّه) ظاهرا، انظر عناية الاصول 3: 49، كما سيجيء الإشارة إليه، انظر الصفحة 489، ذيل قولنا: «تنبيه: بعد ذلك كلّه بقي هنا محذور ...».
[2] أقول: و نقل (المتوهّم) ذلك- أي اندراج دوران الأمر بين المحذورين في الشكّ في المكلّف به- أيضا عن المصنّف (رحمه اللّه) في مبحث الانسداد عند قوله (رحمه اللّه): «فإن أمكن الاحتياط وجب، و إلّا تخيّر، كما إذا كان الشكّ في تعيين التكليف الإلزاميّ، كما إذا دار الأمر بين الوجوب و التحريم ...» (فرائد الاصول 1: 428) و حيث إنّ مبحث الانسداد ليس محلّ البحث عن مسألة دوران الأمر بين المحذورين و أنّ المسألة المذكورة طرحها المصنّف (رحمه اللّه) إجمالا في أواخر مبحث القطع فقال (رحمه اللّه): «نعم، ظاهرهم في مسألة (دوران الأمر بين الوجوب و التحريم) الاتّفاق على عدم الرجوع إلى الإباحة، و إن اختلفوا بين قائل بالتخيير، و قائل بتعيين الأخذ بالحرمة. و الإنصاف أنّه لا يخلو عن قوّة ...» (فرائد الاصول 1: 91) و أيضا قد طرحها مفصّلا في مبحث البراءة (انظر فرائد الاصول 2: 178- 193)، فلا يتمّ استشهاده بكلام المصنّف (رحمه اللّه).
[3] أي السرّ في اختلاف الشكّ في التكليف النوعيّ و الشكّ في المكلّف به.