[1] اعلم أنّ كلّ ما توجّه إليه المكلّف إمّا مجهول محض و يعبّر عنه اصطلاحا بالشبهة البدويّة، و إمّا معلوم محض المعبّر عنه اصطلاحا بالعلم التفصيليّ، و إمّا مركّب منهما يعبّر عنه اصطلاحا بالعلم الإجماليّ [1].
أمّا الأوّل فلا نزاع في جريان البراءة و عدم ثبوت التكليف فيه، كما لا نزاع في ثبوت التكليف في الثاني به [2]، بخلاف الثالث، فإنّه مختلف فيه من حيث ثبوت التكليف به و عدمه، و الحقّ هو الأوّل الذي اختاره المشهور، و يعبّر عنه اصطلاحا بتنجّز التكليف بالعلم الإجماليّ [3]، فانتظر توضيحه مفصّلا.
الكلام في العلم الإجماليّ
[2] مراده (رحمه اللّه) أنّ البحث في التنبيه الرابع يقع في مقامين.
[3] أقول: الأحكام الشرعيّة بل جميع القوانين الاجتماعيّة و المدنيّة لها مراتب أربع: أحدها:
الشأن و قد يعبّر عنه بالاقتضاء؛ ثانيها: الإنشاء؛ ثالثها: الفعليّة؛ و رابعها: التنجّز، و المقصود هو أنّ تنجّز التكليف و وجوب امتثاله شرعا يثبت بعد وصوله إلى مرتبة البعث و الزجر، و الأمر و النهي، و التفصيل في محلّه. انظر كفاية الاصول: 258 عند قوله (رحمه اللّه): «ثمّ لا يذهب عليك أنّ التكليف ما لم يبلغ مرتبة البعث و الزجر لم يصر فعليّا، و ما لم يصر فعليّا لم يكد يبلغ مرتبة التنجّز ...». و أيضا راجع فوائد الاصول 3: 101- 104.