و لا يخفى أنّ للمنع وجها آخر لم يذكره المصنّف (رحمه اللّه) هنا، و هو لزوم توسّط المعصوم (عليه السّلام) في الأحكام الشرعيّة بين الخالق و الخلق كما هو مقتضى بعض الروايات، منها قوله (عليه السّلام): «كلّ ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل» [1] و «كلّ شيء لم يخرج من هذا البيت فهو وبال» [2].
و الحاصل: أنّ الأخباريّين و إن سلّموا ما هو المشهور عند الإماميّة من الحسن و القبح العقليّين، الذي نتيجته اعتبار الأحكام المكشوفة بالعقل أيضا، إلّا أنّ الوجهين المذكورين- أي كثرة الغلط و لزوم توسّط الحجّة- قد منعا عن تسليمهم بذلك.
كلام المحقّق النائينيّ (رحمه اللّه) في المقام
اعلم أنّ المبحوث عنه في المقام جهات ثلاث قد أوضحها المحقّق النائينيّ (رحمه اللّه) مفصّلا، قال: «الجهة الاولى: قد نسب إلى جملة من الأشاعرة إنكار الحسن و القبح العقليّين و أنّ العقل لا يدرك حسن الأشياء و قبحها، بل بالغ بعضهم و أنكر ثبوت جهة الحسن و القبح للأشياء، و أنّ الحسن ما حسّنه الشارع و القبيح ما قبّحه، و ليست الأحكام تدور مدار المصالح و المفاسد- إلى أن قال-: الجهة الثانية: في الملازمة بين حكم العقل و حكم الشرع، بمعنى أنّه في المورد الذي استقلّ العقل
[1] بحار الأنوار 2: 94، كتاب العلم باب 14، الحديث 32.