و لذا يلزمه العقل بالعمل بالطريق المنصوب؛ لما فيه من القطع بالسلامة من العقاب، بخلاف ما لو ترك العمل به، فإنّ المظنون فيه عدمها [1].
و من هنا [2] يظهر: أنّ التجرّي على الحرام في المكروهات الواقعيّة أشدّ منه في مباحاتها، و هو فيها أشدّ منه في مندوباتها [3]، ...
مصادفته الواقع بمجرّد احتمال الخطأ فيه كالمثال الثاني، فلا يجدي احتمال الخطأ للمتجرّي أصلا، و هذا هو السرّ في إيجاب العقل الأخذ بالطرق المنصوبة من قبل المولى؛ لما فيه من السلامة عن العقوبة و الأمن منها قطعا سواء صادف الواقع أم لم يصادفه و قد أشار (رحمه اللّه) إليه بقوله: «و لذا يلزمه العقل بالعمل بالطريق المنصوب ...».
و علم بعد ذلك كلّه أنّ عدم قبح التجرّي في صورة مخالفة الطريق المنصوب هو لأجل المصلحة الواقعيّة- كصورة مخالفة القطع- لا لأجل احتمال الخطأ، و إلّا فعدم قبحه مطلقا ثابت حتّى في صورة عدم المصادفة.
[1] أي المظنون في الترك، عدم السلامة من العقاب.
[2] أي من أنّ قبح التجرّي عندنا ليس ذاتيّا بل يختلف بالوجوه و الاعتبار.
[3] الضمير المذكّر مرفوعا و مجرورا يعود إلى «التجرّي» و أمّا الضمائر المؤنّثة المجرورة، فالأوّل و الثالث منها يعودان إلى «الواقعيّة»، و الثاني منها يعود إلى «المباحات»، فلا تغفل.
ترتّب العقوبة على التجرّي و عروض الجهة المحسّنة الغالبة على قبحه
اعلم أنّ ارتكاب المقطوع الحرمة عند صاحب الفصول (رحمه اللّه) يترتّب عليه العقوبة بنحو أشدّ في موضعين: