و البحث فيه الآن من حيث الحرمة و عدمها، فمن قال بها حكم بعقوبة شارب مقطوع الخمريّة و إن انكشف أنّه كان ماء في الواقع و من قال بعدمها إنّما حكم بذلك عند انكشافه خمرا، فالمسألة ذات وجوه و أقوال.
و لا يخفى أنّ التجرّي من حيث كون البحث فيه عن قبح الفعل و عدمه و جواز العقوبة عليه و عدمه يعدّ مسألة كلاميّة، و من حيث كون البحث فيه عن أنّ قبحه عقلا هل يستتبع الحرمة شرعا بقاعدة الملازمة أم لا، يعدّ مسألة اصوليّة، و من حيث كون البحث فيه عن جواز التجرّي و حرمته، يعدّ مسألة فقهيّة.
الأقوال في المسألة
و الجدير بالذكر نقل الأقوال في المسألة إجمالا فنقول: الأقوال فيها خمسة:
أحدها: القول بالحرمة مطلقا،
و نسبه المصنّف (رحمه اللّه) إلى المشهور في ما سيأتي منه عن قريب. و هو الذي اختاره المحقّق الخراسانيّ (رحمه اللّه) [1].
ثانيها: القول بعدم الحرمة مطلقا،
و هو مختار المصنّف (رحمه اللّه) على ما سيظهر من مجموع كلماته [2]، و انتظر توضيحه مفصّلا [3].
[2] تارة عند قوله (رحمه اللّه): «و من هنا يظهر الجواب عن قبح التجرّي؛ فإنّه لكشف ما تجرّى به عن خبث الفاعل، لا عن كون الفعل مبغوضا للمولى» و اخرى عند قوله: «و التحقيق ...» فرائد الاصول 1: 39 و 45.
[3] انظر الصفحة 210 و ما بعدها، ذيل عنوان «ما رام إليه المصنّف (رحمه اللّه) في التجرّي العمليّ».