و يزور ذوي الحاجة و المضطرّين و المرضى و المصابين و يخبرهم بطريق رفع حوائجهم و شفاء أمراضهم و وسائل راحتهم و رغد عيشهم، قبلوا منه أو لم يقبلوا.
يقوم سلام الله عليه بجميع ذلك من غير أن يعرف، أو يمكنه أن يقوم به، و حاشاه أن يبخل بنفع غيره، فكيف جاز أن يقول القائل: كيف ينتفع بالإمام الغائب؟
نعم، كم من مسألة في الأصول و الفروع قد أجاب عنها، و مشكلة في الدين أو الدنيا قد أنقذ منها، و كم من مريض قد شفاه، و مضطرّ قد نجّاه، و منقطع قد هداه، و عطشان قد سقاه، و عاجز قد أخذ بيده.
هذه الكتب و الدفاتر المؤلّفة في أزمنة مختلفة و بلاد متفاوتة ألّفها ثقات لا يعرف بعضهم بعضا، و فيها من الحكايات الشاهدة لما ذكرنا ما لا يحصى، ربّما قطع الإنسان بعد مشاهدتها و الإحاطة بالخصوصيّات و القرائن بصدق بعضها.
وكلاؤه في غيبته
احتجب سلام اللّه عليه و غاب عن الناس حتّى شيعته و مواليه خوفا من الأعداء، و حفظا لنفسه لغرض قدّر اللّه تعالى حصوله على يده. فهو ينتظر الأمر كما أنّ شيعته ينتظرونه. و يمكننى أن أقول: لو لا تسليمه لأمره تعالى و رضاه بالمقدّرات الإلهيّة لقضى أسفا لما شاهده و يشاهده من الأحوال التي لا ترضيه، و لكنه من أهل بيت لا يسبقونه بالأمر، و هم بأمره يعملون، و جدّه القائل: «رضا اللّه رضانا أهل البيت» .
غاب عن الناس حتّى عن شيعته و لكنّ قلبه الطاهر ملئ حزنا و أسفا، و نهج للمسلمين سيّما لشيعته نهجا صحيحا، و جعل لهم إلى الحقّ طريقا واضحا لو سلكوه لفازوا بالسعادة الدنيويّة و الأخرويّة، و أن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا.
أوصى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالثقلين و التمسّك بهما، كتاب اللّه و أهل بيته. فهما باب النجاة و مفتاح الهداية، و التمسّك بهما دليل كلّ خير، و هذا القرآن المجيد بحمد اللّه