العادة، و أنّه يمكن أن يعيش الإنسان بل الحيوان في قعر البحر إلى يوم البعث، كيف لا و إن اللّه على كلّ شيء قدير.
رأي مجلة المقتطف
نشرت مجلة المقتطف الغرّاء في الجزء الثالث من السنة التاسعة و الخمسين مقالا في مدّة عمر الإنسان في ذيل عنوان «هل يخلد الإنسان في الدنيا؟» و قالت:
ما هي الحياة و ما هو الموت و هل قدّر الموت على كلّ حيّ؟
كلّ حبّة حنطة جسم حيّ، و قد كانت في سنبلة، و السنبلة تنبت من حبة أخرى، و هذه من سنبلة، و هلمّ جرّا بالتسلسل، و يسهل استقصاء تأريخ ستة آلاف سنة أو أكثر، فقد وجدت حبوبه بين الآثار المصرية و الآشورية القديمة دلالة على أنّ المصريّين و الآشوريّين و الأقدمين كانوا يزرعونه و يستغلونه و يصنعون خبزهم من دقيقه، و القمح الموجود الآن لم يخلق من لا شيء، بل هو متسلسل من ذلك القمح القديم، فهو جزء حيّ من جزء حيّ من جزء حي و هلم جرّا إلى ستة آلاف سنة أو سبعة، بل الى مئات الألوف من السنين. و حبوب القمح التي نراها ناشفة لا تتحرّك و لا تنمو هي في الحقيقة حيّة مثل كلّ حيّ، و لا ينقصها لظهور دلائل الحياة إلاّ قليل من الماء، فحياة القمح متّصلة منذ ألوف من السنين إلى الآن، و هذا الحكم يطلق على كلّ أنواع النبات ذوات البذور و ذوات الأثمار، و ما الحيوان بخارج عن هذه القاعدة، فإنّ كلّ واحد من الحشرات و الأسماك و الطيور و الوحوش و الذبابات حتّى الإنسان سيّد المخلوقات كان جزءا صغيرا من والديه فنما كما نميا، و صار مثلهما، و هما من والديهما، و هلم جرّا. و الانسان الذي يختلف نسلا يكون نسله جزءا حيّا منه كما أنّ البذرة جزء من الشجرة، و هذا الجزء الحيّ تكون فيه جراثيم صغيرة جدّا مثل الجراثيم التي كوّنت أعضاء والديه، فتكون أعضاؤه بالغذاء الذي تتناوله و تمثّله، فتصير نواة التمر نخلة ذات جذع و سعوف و عروق و تمر، و بذرة الزيتون شجرة ذات ساق و أغصان و ورق و ثمر، و قس على ذلك سائر أنواع النبات، و كذا بيوض الحشرات و الأسماك و الطيور و الوحوش و الذبابات حتّى الإنسان.