فوجدناه متغيّرا لونه* فقلت له: مالك يا بنيّ، فقال لي: يا أمّاه قد جاءني رجلان عليهما ثياب بيض و معهما طشت من ذهب مملوء ثلجا، فشقّا بطني و أخرجا منه علقة سوداء فطرحاها و قالا: هذا حظّ الشّيطان منك يا حبيب اللّه* ثمّ غسلا قلبي بذلك الثّلج و لا أجد له ألما، ثمّ ختما عليه بخاتم من نور، و إنّي لأجد برد الخاتم بين أضلعي* ثمّ أقبل بنو سعد يقبّلونه و يسألونه عن حاله فصار يخبرهم فتعجّب القوم من ذلك، ثمّ قيل لي: يا حليمة أرجعيه إلى جدّه و أمّه فإنّا نخاف عليه* قالت حليمة: فأتينا به إلى أمّه* فقالت لهما: ما ردّكما به و قد كنتما حريصين عليه* فأخبراها بما جرى، فقالت: استخوفتما عليه من الشّيطان كلّا و اللّه ما للشّيطان عليه من سبيل* و إنّ لابني هذا لشأنا عظيما* فدعيه عنك و انصرفي* قالت حليمة: فلمّا بلغ من العمر ستّ سنين توفّيت أمّه بالأبواء و هي قرية بين مكّة و المدينة و كفله جدّه عبد المطّلب* فلمّا كمل له من العمر ثماني سنين مات جدّه عبد المطّلب* و كفله عمّه أبو طالب فلمّا كمل له من العمر عشر سنين أتاه من اللّه الفخر و الوقار* و كان إذا مشى تظلّله غمامة بيضاء تقف معه إذا وقف و تسير معه إذا سار* فلمّا كمل له من العمر أربعون سنة أرسله رحمة للعالمين* صلّى اللّه عليه و على إله و كلّ ناسج على منواله امين*