عن الإمام العالم موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) قال: إن اللّه تبارك و تعالى خلق نور محمد (صلّى اللّه عليه و آله) من اختراعه من نور عظمته و جلاله و هو نور لاهوتيته الذي تبدى [1] و تجلى لموسى بن عمران (عليه السلام) في طور سيناء. فما استقر له و لا أطاق موسى لرؤيته و لا ثبت له حتى خرّ صعقا مغشيا عليه، و كان ذلك النور نور محمد (صلّى اللّه عليه و آله).
فلما أراد أن يخلق محمدا منه قسّم ذلك النور شطرين: فخلق من الشطر الأول محمدا و من الشطر الآخر علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و لم يخلق من ذلك النور غيرهما.
خلقهما اللّه بيده و نفخ فيهما بنفسه من نفسه (لنفسه) و صوّرهما على صورتهما و جعلهما أمناء له و شهداء على خلقه و خلفاء على خليقته و عينا له عليهم و لسانا له إليهم؛ قد استودع فيهما علمه و علّمهما البيان، و استطلعهما على غيبه و جعل أحدهما نفسه و الآخر روحه، لا يقوم واحد بغير صاحبه، ظاهرهما بشرية و باطنهما لاهوتية.
ظهروا للخلق على هياكل الناسوتية حتى يطيقوا رؤيتهما، و هو قوله تعالى «وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ». [2] فهما مقاما رب العالمين و حجابا خالق الخلائق أجمعين، بهما فتح اللّه بدء الحق، و بهما يختم الملك و المقادير.
ثم اقتبس من نور محمد فاطمة (عليها السلام) ابنته كما اقتبس نور علي (عليه السلام) من نوره و اقتبس من نور فاطمة و على (عليهما السلام) الحسن و الحسين (عليهما السلام) كاقتباس المصابيح، هم خلقوا من الأنوار و انتقلوا من ظهر إلى ظهر و صلب إلى صلب و من رحم إلى رحم في الطبقة العليا من غير نجاسة، بل نقلا بعد نقل لا من ماء مهين و لا نطفة خشرة [3] كسائر خلقه، بل أنوار انتقلوا من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات؛ لأنهم صفوة الصفوة، اصطفاهم
[1]. في تفسير البرهان العبارة هكذا: إن اللّه تبارك و تعالى خلق نور محمد (صلّى اللّه عليه و آله) من نور اخترعه من نور عظمته و جلاله و هو نور لاهوتيته الذي بدا منه الذي تبدأ الإله من إلهيته من نيته الذي تبدأ منه و تجلى لموسى (عليه السلام).