فولد له عبد اللّه أبو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فألقى اللّه عليه محبته و ضنّ به عن القتل، فأخرج عشرة من الإبل و قال: أنحرها و أنذرها و ادعه، ثم قال: و ما يدريني أن اللّه لا يرضيه ذلك مني و لا يفي بنذري، و لكني أقرع عليها و عليه.
ففعل فخرج السهم على عبد اللّه فزاد عشرة و أقرع فخرج السهم عليه و لم يزل كذلك يزيد عشرة عشرة، و السهم يخرج على عبد اللّه حتى بلغت مائة، فخرج السهم على الإبل فقال: لا و اللّه لا أنتهز هذه الفرصة في مرة واحدة حتى يقع السهم على الإبل عشر مرات، كما وقع على عبد اللّه و إلّا زدت، فخرج السهم على الإبل عشر مرات، فقال: الآن علمت أن ربّي قد رضي، فنحرها.
و قال للناس: دونكم إياها، فانتهبوا لحمها، ففي ذلك يقول مرّة بن خليف الفهمي:
كما قسمت نهبا ديات ابن هاشم * * * ببطحائها في حيث تغتصب البزل [1]
و قيل: كان عبد المطلب أشرف قريش في عصره و سيدها غير مدافع، و كان يرى فيه نور النبوة و هيبة الملك، و مكارمه أكثر من أن تحصى أو يحاط بها، و كان يدعى سيّد الوادي، يعنون مكة و ما حولها [2].
[وفاة عبد المطلب و مراثيه]
و قيل: إنه لمّا احتضر جمع بناته و كنّ ستا فقال لهن: ابكين عليّ حتى أسمع، ففعلن فقالت عاتكة بنت عبد المطلب:
أ عينيّ جودا و لا تبخلا * * * بدمعكما قبل نوم النيام
[1]- تاريخ اليعقوبي: 1/ 252، و العجز فيه هكذا: ببطحاء بسل حيث يعتصب البرك.
[2]- تاريخ اليعقوبي: 2/ 10، شرح نهج البلاغة: 15/ 200.