فأتيته به كأنه عكّة سمن، و كان معه عمر بن عبد العزيز فقال: ادنه يا أبا حفص.
قال: إني صائم.
فأكل وحده حتى أتى على الجدي، فقال: ويحك يا شمرذل ما عندك غير هذا؟
قلت: نعم عندي ست دجاجات كأنهن ريبال النعام.
قال: قرّبهن.
فقربتهن إليه فأتى عليهن، قال: و كان ذلك هو الذي أعددت له.
قال: فقال: ويحك يا شمرذل أ عندك شيء؟
قلت: لا و اللّه إلّا أن عندي جذيذة كأنها قراضة الذهب.
قال: هاتها.
فأتيته منها بعيس يغيب الرأس فيه، فجعل يشرب حتى أتى عليه، ثم تجشأ كأنه صاح في جيب، ثم قال لطباخه: يا غلام أفرغت من غدائنا؟
قال: نعم.
قال: أعرضه عليّ.
فأتاه به قدرا قدرا، و قد وضع بين يديه طبقا مملوءا رقاقا، و أكل من كل قدر عرضها عليه من ثلاث لقم إلى لقمة، و كانت نيفا و ثمانين قدرا، ثم قال: ائذن.
فأتاه أهل مائدته و جلس معهم فأكل كأكل أنهمهم.
و قيل: إنه لم يوجد له ثوب إلّا و فيه أثر الدسم من شدة نهمته، فترك عمر بن عبد العزيز لولده كل ثوب رأي فيه ذلك كان في خزانته، و ضم ما لم يجد ذلك فيه إلى بيت المال، و علم أنه لم يكن يلبسه، و إنما كان ترك لولده من ثيابه ما كان قد لبسه، و هذه من همم الأشرار و أفعال الكفار.