فسيروا فلا مروان للقوم إذ غدوا * * * و للركب إذ أمسوا مكلين جوعا [1]
و كان الوليد يوصف بالحمق و الرقاعة [2] و السفه، و هذا من إفراط ذلك فيه أن يكون من تسمّى بالخلافة و ادّعى أمرة المؤمنين، يسفّه على أخيه و يشتم شتما قبيحا يبلغ به الموت.
و مات الحجاج لعنه اللّه في زمن الوليد بدمشق، ثم مات الوليد بدمشق سنة ستة و تسعين، و هو ابن ثمان و أربعين سنة، و كانت ولايته تسع سنين و ثمانية أشهر.
[خلافة سليمان بن عبد الملك]
ثم ولي من بعده سليمان بن عبد الملك، و كان نهما مستهترا بالنساء، همّه بطنه و فرجه، لا يبالي من حيث نال ذلك، و مضى على سيرة من تقدمه من إظهار لعن علي عليه السّلام و سوء السيرة و الاستيثار بأموال المسلمين، و كان معجبا بنفسه، يطري بجماله و كماله [3].
و قيل: إن جارية من جواريه نظرت إليه يوما و هو يراها و هي بين يديه فأدامت النظر، فقال لها: ما تنظرين؟
فأنشأت تقول:
أنت خير المتاع لو كنت تبقى * * * غير أن لا بقاء للإنسان
ليس ممّا علمته فيك عيب * * * كان في الناس غير أنك فان
فلم يعجبه أن نعته إلى نفسه، و غضب و نفض عمامته و انزوى عنها [4].