و قيل: لمّا استفحل أمر زيد بن علي و اتبعه أكثر الشيعة، و خاف محمد عليه السّلام أن تكون من ذلك فتنة و فسادا في الدين، تقدم إلى رجل من المؤمنين كان وثق به في أن يصير إليه أمره بما يعمل به، فصار إليه ذلك الرجل و دخل في جملته و احتفل يوما عنده أصحابه، فانتدب ذلك الرجل إليه و قال له: يا ابن رسول اللّه هذا الأمر الذي دعوت إليه من قيامك و نصرتك أوصى أبوك إليك فيه و أقامك إماما من بعده؟
قال: لا، و معاذ اللّه أن أقول عليه ما لم يقله، و لكن الإمام منّا من شهر سيفه و قام بأمر الإمامة، لا من قعد في بيته و أرخى عليه ستره.
قال له الرجل: فإن لم يقم أحد لم يكن منكم إمام، و إن قام منكم جماعة يكونون كلهم أئمة؟
فسكت و لم يحر جوابا، و علم من حضر فساد قوله.
ثم قال له الرجل: إن أخاك أبا جعفر أخبرنا أن أباكما عهد إليه و أقامه من بعده مقامه.
قال له زيد: لو قد فعل ذلك أبي لكان أطلعني عليه، و اللّه لقد كان ينفض المخ من العظم، فإذا رآه حارا نفخ عليه يبرّده ثم يطعمني إياه، و هو يتّقي عليّ من حرّ المخ و لا يتقي عليّ من حرّ النار فيخبرني أنه عهد إلى أخي بيعته و يطلع على ذلك شيعته؟
قال له الرجل: فما بال يعقوب قال ليوسف: لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا، يحذّره من أخوته و كتم أمره عنهم، و لم يكتم ذلك و لا حذّره من الناس؟
فسكت زيد و لم يحر جوابا و انتهر الرجل.
فعلم فساد دعواه أهل البصائر من الشيعة فافترقوا عنه [1].
[1]- مناقب آل أبي طالب: 1/ 223، و قال الشيخ المفيد: اعتقد فيه كثير من الشيعة الامامة، و كان سبب اعتقادهم ذلك فيه خروجه بالسيف يدعو إلى الرضا من آل محمد (ص) فظنوه يريد-