فيها الأنهار مفجرة فيأكلون منها و يشربون- و تلى قوله اللّه عزّ و جلّ-: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ[1] قال: فيجعل اللّه عزّ و جلّ معاشهم من تلك الأرض يأكلون منها إلى أن يفصل بينهم».
فرجع سالم إلى هشام فأخبره، فقال: اللّه أكبر، و ضحك و رأى أنه قد ظفر.
و قال لسالم: ارجع إليه و قل له: إنما في هول يومئذ ما يشغل عن الطعام و الشراب؟
فرجع إليه بذلك فقال له محمد بن علي عليه السّلام: «هم في النار أشدّ شغلا منهم يومئذ، فما شغلهم ذلك عن أن قالوا: أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ[2] و إن أكلوا فيها الضريع و الزقوم و أشربوا المهمل و الحميم، إن ابن آدم خلق أجوف لا بدّ له من الطعام».
فرجع سالم إلى هشام فأخبره، فأطرق و لم يحر جوابا [3].
و قال محمد بن المنكدر: ما كنت أظن أني أرى مثل علي بن الحسين عليه السّلام حتى رأيت ابنه محمدا، و لقد لقيته مرّة فأردت أن أعظه فأوعظني، قيل له: و كيف ذلك؟
قال: لقيته و قد أقبل من بعض أمواله في يوم شديد الحرّ في الهاجرة، و هو بين عبدين له يعتمد عليهما، و كان رجلا بدينا ثقيلا و قد تعب و عرق، فاستعظمت ما رأيته منه و قلت في نفسي: و اللّه لأعظنّه، فواجهته فسلمت عليه فردّ عليّ و هو منبهر و قد تصبب عرقا، فقلت: أصلحك اللّه شيخ من أشياخ قريش في مثل هذه الساعة تحل نفسك هذه المحل في طلب الدنيا، أ رأيت لو جاءك الموت و أنت على هذه الحال؟