و كان هارون وصي موسى عليه السّلام في قومه و خليفته عليهم.
و لمّا أنزل اللّه عزّ و جلّ: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ يعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ[1] فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «علي مني و أنا منه» [2].
فدلّ بذلك من قوله على أنه الشاهد على الأمة بعده.
و لمّا أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الهجرة، و ذلك لمّا أتاه جبرئيل و أخبره أن قريشا قد تعاقدوا عليه ليأتوه ليلا في منزله فيقتلوه و أخبره بالليلة التي تواعدوا لها، خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى الغار و أمر عليا عليه السّلام أن يضطجع في مضجعه ليرى أنه لم يزل، و كانت محنة امتحن اللّه و رسوله بها عليا صلوات اللّه عليه، فصبر لها موطّنا نفسه على القتل، فنام على فراش رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و استخلفه على قضاء ديونه و دفع أمانات كانت للناس في يديه و أمورا أمره بإحكامها و اللحوق به بعد ذلك، فامتثل ذلك من أمره و لحق به و كان [أيام] مقامه في الغار يختلف إليه بالطعام و يأتيه بالأخبار، و اشترى له ما احتاج إليه في سفره و أتى به [3].
و بنى الناس بيوتا حول مسجده صلّى اللّه عليه و آله و فتحوا أبوابها إليه، فأمره اللّه عزّ و جلّ بسد الأبواب على من بناها، فسدوها كلها و ترك باب علي عليه السّلام معه وحده، و تكلم في ذلك بعض أهل بيته.
فقال: «و اللّه ما أنا سددت أبوابكم و فتحت باب علي بل اللّه فعل ذلك» [4].