قال: رجل من أهل نجد، بلغني ما اجتمعتم له فجئت للحضور معكم فيه، و لن تعدموا معي رأيا فيه صلاح.
فتكلموا و قالوا: إن محمدا قد صدّقه أهل يثرب و أجاروا من أتاهم من أصحابه، و إنّا نخاف أن يصير إليهم فيعظم علينا أمره و يكثر ناصره، و يحاربنا بمن أجابه فما ترون؟
فقال بعضهم: نقبض عليه و نوثقه و نحبسه.
فقال: ما هذا برأي، يستنقذه أهل بيته من أيديكم و يجتمعون له.
قالوا: صدق الشيخ.
فقال آخر: فننفيه عنّا يصنع ما شاء أن يصنع و نستريح منه.
فقال الشيخ: هذا الذي تخوفتموه و تعقبتموه.
قال آخر: نقتله.
قال الشيخ: هذا أحسن ما رأيتم، و لكن تخرجون من كل بطن منكم رجلا و تعطونه سيفا فيضربونه ضربة رجل واحد، فإذا كان ذلك حمى كل قوم من قريش صاحبهم و تفرق دمه فيهم فلم تطقهم بنو هاشم.
فأجمعوا على ذلك و اتعدوا له ليلة يأتونه فيها، فأتى جبرائيل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بخبرهم، فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليا أن ينام على فراشه تلك الليلة، و خرج عن منزله فتوارى، و أتى القوم فرأوا عليا فلم يشكّوا فيه أنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أقاموا حتى اجتمعوا، فلمّا دخلوا و ثب إليهم علي عليه السّلام فأسقط في أيديهم و أحجموا عنه، و أذن اللّه عزّ و جلّ لرسوله في الهجرة إلى يثرب، فهاجر و خلّف عليا عليه السّلام في منزله و أمره بدفع ودائع كانت للناس عنده إليهم و بقضاء ديون كانت عليه لهم، فأقام علي عليه السّلام بعده ثلاثة أيام حتى أحكم ذلك ثم لحق به، و طلبته قريش و جعلت فيه مائة ناقة لمن ردّه، فنجاه اللّه منهم و قدم يثرب فأعزّ بنصره و كان ما قد كان من أمره، و لحق به