إليه قلوب كثير من العرب، و كانت في ذلك أخبار يطول ذكرها عن حدّ هذا الكتاب، و إنما قصدنا في هذا الباب إلى ذكر كفاح أبي طالب عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و تأييد اللّه عزّ و جلّ دينه.
و قال أبو طالب يحذّر قريشا عذاب اللّه في تكذيبهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أذاهم إياه:
أفيقوا بني غالب و انتهوا * * * عن البغي في بعض المنطق
و إلّا فإني لكم خائف * * * بوائق في داركم تلتقي
تكونوا لغابركم عبرة * * * و ربّ المغارب و المشرق
كما ذاق من كان من قبلكم * * * ثمود و عاد فمن ذا بقي
غداة أتاهم بها صرصر * * * و ناقة ذي العرش إذ تستقي
فحلت عليهم بها سخطة * * * من اللّه في ضربة الأزرق
غداة يعض بعرقوبها * * * حسام من الهند ذو رونق
و أعجب من ذلك في أمركم * * * عجائب في الحجر الملصق
بكف الذي قام من خبثه * * * إلى الصابر الصادق المتقي
فأيبسه اللّه في كفه * * * على رغم ذا الخائف الأحمق
أحيمق مخزومكم اذ غوى * * * لغي الغواة و لم يصدق [1]
يعني بالحجر الملصق: أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا قوى أمره أظهر عبادة ربّه، و كان يأتي البيت فيصلي، فنظر إليه أبو جهل يوما و هو يصلي، فقام إلى حجر عظيم قدر ما احتمله، و أتى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو ساجد ليرضخ رأسه به بعد أن حرضه عليه بنو عبد شمس، و جلسوا لينظروا إلى ما يفعله، فلمّا دنا منه بالحجر و هو ساجد رجع ناكصا عنه قد امتقع لونه مرعوبا، و قد يبست يده على الحجر حتى قذف به.
[1]- شرح نهج البلاغة: 14/ 74، و قال ابن أبي الحديد: قالوا: و قد اشتهر عن عبد اللّه المأمون رحمه اللّه أنه كان يقول: أسلم أبو طالب و اللّه بقوله: نصرت الرسول رسول المليك ...