كلام أهل تلك اللغة استعمال اللفظ في المعنى الذي شك في وضعه له، لأن الاستعمال كما يصح في المعنى الحقيقي يصح في المعنى المجازي، و ما يدرينا لعل المستعمل اعتمد على قرينة حالية أو مقالية في تفهيم المعنى المقصود له فاستعمله فيه على سبيل المجاز. و لذا اشتهر في لسان المحققين حتى جعلوه كقاعدة قولهم: «إن الاستعمال أعم من الحقيقة و المجاز».
و من هنا نعلم بطلان طريقة العلماء السابقين لإثبات وضع اللفظ بمجرد وجدان استعماله في لسان العرب، كما وقع ذلك لعلم الهدى السيد المرتضى (قدس سره) فإنه كان يجري أصالة الحقيقة في الاستعمال، بينما أن أصالة الحقيقة إنما تجري عند الشك في المراد لا في الوضع، كما سيأتي.
و أما النحو الثاني: فالمرجع فيه لإثبات مراد المتكلم الأصول اللفظية و هذا البحث معقود لأجلها. فينبغي الكلام فيها من جهتين:
أولا: في ذكرها و في ذكر مواردها.
ثانيا: في حجيتها و مدرك حجيتها.
أما من (الجهة الأولى) فنقول: أهم الأصول اللفظية ما يأتي:
1- أصالة الحقيقة:
و موردها ما إذا شك في إرادة المعنى الحقيقي أو المجازي من اللفظ بأن لم يعلم وجود القرينة على إرادة المجاز
المرتضى (ره) و من تابعة ادعوا أن الاستعمال يدل على الحقيقة فعندهم أن الاستعمال علامة على الحقيقة لذا كان ينبغي ذكر الاستعمال ضمن ذكر العلامات على الوضع.
و كيف كان فقد اتفق المتأخرون على أن الاستعمال ليس علامة على الحقيقة بل هو اعم من الحقيقة و المجاز و دليلهم هو ما ذكره المصنف (ره).