و على هذا، يظهر بطلان القول الثاني القائل أن الحروف لا معاني لها و كذلك القول الأول القائل إن المعنى الحرفي و الاسمي متحدان بالذات مختلفان باللحاظ.
و يرد هذا القول أيضا أنه لو صح اتحاد المعنيين لجاز استعمال كل من الحرف و الاسم في موضع الآخر، مع أنه لا يصح بالبداهة حتى
قوله (ره): (و يرد هذا القول أيضا).
أقول: هذا رجوع إلى إبطال كلام صاحب الكفاية (ره). فنقول (بعد أن تكون قد راجعته و اتقنت ما فصلناه): أن كلام صاحب الكفاية قد أصبح بين الفساد ضرورة ما عرفته من أن المعنى الحرفي ليس معنى مستقلا إنما الغرض هنا ذكر بعض الاعتراضات الواردة على كلامه و نكتفي بذكر إيرادين.
الإيراد الأول: أن صاحب الكفاية (ره) ذكر أن (الابتداء) مثلا تارة يلحظ بنفسه و أخرى يلحظ حالة في غيره. فنقول له: ما مرادك باللحاظ الآلي و الاستقلالي؟
و في الجواب نقول أنه يحتمل تفسيرات.
الأول: هو التفسير المتقدم.
الثاني: أن المراد أن المفهوم الواحد تارة نقصر النظر على نفسه، و تارة أخرى نلحظه طريقا للتوصل إلى لحاظ غيره أي لحاظ مصاديقه. فتارة تنظر إلى مفهوم الإنسان و تقصر النظر عليه، فيكون الحمل حينئذ حملا أوليا، و أخرى تنظر إلى مفهوم الإنسان لتجعله طريقا للتوصل إلى مصاديقه، فيكون الحمل عليه حملا شايعا كما نقول (كل إنسان معه درهم).
الثالث: أن المفهوم الواحد تارة يلحظ بنحو يكون الغرض بيانه بنفسه كما تقول (جاء زيد) و يكون غرضك بيان نفس مجيء زيد فيكون اللحاظ استقلاليا.
و أخرى يلحظ بنحو يكون هذا المبين أشاره إلى غيره و كان الغرض هو بيان ذلك الغير كما في نحو (كلوا و اشربوا حتى يتبين ...) فإن الغرض ليس