و لم يكن مثل النبي محمد (صلى اللّه عليه و سلم) فى الصبر على البلاء و الثبات على الحق، و لا فى الرحمة و رقة القلب، و السمو فوق معانى البقاء الأرضى، فالرسول (صلى اللّه عليه و سلم) منبع تاريخ فى الإنسانية كلها دائما، و للدنيا رأس نظام أفكارها الصحيحة.
فللأهمية التى تحتلها سيرة النبي محمد (صلى اللّه عليه و سلم) فى حياة المسلمين على امتداد التاريخ و فى حياتهم الحاضرة، فقد قمت بتحقيق هذا الكتاب الطيب الّذي يتناول سيرة الرسول الكريم (صلى اللّه عليه و سلم) بما امتاز به من اختصار لا يخل بشمول السيرة و كمالها، بما يعين القارئ على أن يتناول سيرة الرسول (صلى اللّه عليه و سلم) فى يسر يعينه على فهمها فهما شاملا كاملا و استيعابها دون ما نقص أو خلل.
و ما أن لازمت هذا الكتاب شهورا عديدة حتى انتهى بى الأمر إلى أن خرج هذا العمل العلمى مشتملا على قسمين: القسم الأول هو قسم الدراسة، مشتملا على دراسة علمية وافية للمؤلف القاضى ابن جماعة، و دراسة وافية لكتاب المختصر الكبير لسيرة النبي (صلى اللّه عليه و سلم).
أما دراسة المؤلف فقد جاءت متمثلة فى الحديث عن اسمه و كنيته و لقبه و مولده، و طلبه للعلم و رحلاته العلمية، و الحديث عن شيوخه الذين تلقى على أيدهم العلم النافع، ثم الحديث عن قراءاته الذاتية، و الإجازات العلمية التى حصل عليها، ثم تدريسه للعلم، و الأعمال التى أسندت إليه، ثم الحديث عن أقوال العلماء فيه، و ذكر مصنفاته العلمية، ثم الحديث عن الأمنية التى كان يتمناها، و الحديث عن مجاورته بمكة و وفاته فيها.
أما الدراسة العلمية الوافية لكتاب المختصر الكبير فقد جاءت على النحو التالى:
الحديث عن تسمية الكتاب و صحة نسبته إلى المؤلف، و الداعى إلى تأليف الكتاب، و محتوى الكتاب و تنظيمه، و النسق التعبيرى للكتاب، ثم الحديث عن أهمية الكتاب.
ثم الحديث عن مصادر الكتاب من حيث أنواعها، و الإسناد إليها، و طرق النقل منها، ثم الحديث عن المنهج التاريخى عند القاضى ابن جماعة من حيث الكشف عن العامل الرئيسى فى توجيه الأحداث، ثم الحديث عن وصف الأحداث، و استحسان التصرف، و الإفصاح عن عاطفة المؤلف، و مواطن العبر و العظات و التعليل و الترجيح، ثم