قطع النظر عن الجعل و المواضعة ما كانت مناسبة بين اللفظ أو النقش المكتوب و بين معانيهما، فما كان بين حقيقة زيد و بين اللفظ الدالّ عليه، و كذا بينه و بين وجوده الكتبي- يعني الزاء و الياء و الدال- المكتوب بكيفية خاصة مناسبة أصلا، بل ربّما يكون بينهما المباينة، لاختلاف مقولتهما، و لا تحصل المناسبة بينهما، و لا يصير اللفظ الخاص او النّقش المكتوب المخصوص وجودا تنزيليا لحقيقة زيد إلّا بالجعل و المواضعة.
فظهر لك أنّ صيرورة الوجود اللفظي أو الوجود الكتبي وجودا تنزيليا للوجود الحقيقي سواء كان ذهنيا أو خارجيا كان بسبب الجعل و المواضعة، و هذا هو معنى أنّ ألفاظا وضعت لمعان، يعني هذا هو الوضع، فظهر لك في الأمر الاوّل ما هو حقيقة الوضع، و هو الجعل و المواضعة على كون اللفظ وجودا تنزيلا للمعنى و إن كان يمكن له بعض تعبيرات أخر كما يأتي إن شاء اللّه.
[الأمر الثاني في المناسبة و العلقة بين اللفظ و المعنى بسبب وضع الواضع]
الأمر الثاني: بعد ما فهمت أنّ الوجود اللفظي و الوجود الكتبي وجودان تنزيليان للوجودين الحقيقيين و أنّ ذلك يكون بالوضع، يعني يكون سبب ذلك الوضع و الجعل.
يقع الكلام في أنّ هذه المناسبة و العلقة التي تقع بين اللفظ و المعنى بسبب وضع الواضع يعني هذا المعنى الإسم المصدري، و ما حصل من الوضع هل يكون هذه العلقة الحاصلة بين اللفظ و المعنى و المناسبة الموجودة بينهما، لها حقيقة خارجية إمّا بنحو وجود الجواهر أو الأعراض، و إمّا بنحو الوجودات الانتزاعية، أو ليست من قبيلهما بل من الوجودات الاعتبارية؟
فنقول بعونه تعالى و إن بيّنا في أوّل كتاب البيع مستوفى: أنّ الموجودات على ثلاثة أقسام: وجود حقيقي، و وجود انتزاعي، و وجود اعتباري، [1] و نقول هنا
[1]- فمن يريد كشف المطلب مفصلا فليطلب مما كتبنا من درس سيدنا الاستاذ (دام ظلّه) في