و الارادة و اتحاد الطلب الحقيقى مع الارادة الحقيقية و الطلب الانشائى مع الارادة الانشائية، و يكون المراد بالمغايرة مغايرة الطلب الانشائى الّذي ينصرف اليه لفظ الطلب مع الارادة الحقيقية الكامنة في النفس الّتي ينصرف اليها لفظ الارادة فان مغايرتهما بهذه العناية من البديهيات و الواضحات.
و لكنك خبير بعدم امكان وقوع الصلح بهذا النحو فان منشأ ذهاب الاشاعرة إلى الاختلاف و المغايرة بين الطلب و الارادة ذهابهم إلى قدم كلام اللّه و التزامهم بالكلام النفسى.
توضيح ذلك انهم لما رأوا اطلاق وصف المتكلم علي ذات الباري جل شأنه و رأوا ان ايجاده الكلام في الشجر أو غيره لا يصحح اطلاق المتكلم عليه كما لا يصح اطلاق المتحرك علي من اوجد الحركة في السفينة مع خروجه عنها و لذا لا يطلق المتحرك عليه تعالى مع أنّه موجد الحركة في جميع العالم التزموا بالكلام النفسى و قالوا ان في النفس شيئا يدل عليه الكلام اللفظيّ و سمّوه بالكلام النفسى و قالوا: ان الكلام لفى الفؤاد و انما جعل اللسان علي الفؤاد دليلا.
و تخيلوا ان اطلاق المتكلم عليه انما كان بلحاظ وجود هذا الكلام النفسى و لاجل ذلك ذهبوا إلى قدم كلام اللّه و تفصيل الكلام موكول إلى محله و الغرض من هذا المختصر بيان عدم امكان وقوع الصلح بينهم و بين المعتزلة بالنحو المذكور.
فيما استدل به علي مغايرة الطلب و الارادة و نقده
و كيف كان استدل القائلون بالمغايرة بان في النفس غير الصفات المشهورة من التصور و التصديق بالفائدة و الرّغبة و الشوق المؤكد المسمى بالارادة شيئا آخر به يستند الفعل و الايجاد بالمباشرة أو بالتسبيب يسمّى بالطلب و برهن عليه، كما في تقريرات بعض الاعلام بان الفعل لو كان مستندا إلى الشوق المؤكد لكان غير اختياري ضرورة ان التصور و التصديق بالفائدة و الشوق المؤكد كلها غير اختيارية، فلو فرض استناد الفعل اليها لكان غير اختياري لا محالة ضرورة ان معلول الغير الاختياري غير اختياري