responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحاسن و المساوي نویسنده : البيهقي، ابراهيم    جلد : 1  صفحه : 134

فلما ولي الهادي الخلافة أيقنت بالتلف فبعث إلي يوما فدخلت عليه متكفنا متحنطا، فإذا هو على كرسي و النطع و السيف بين يديه، فسلمت فقال: لا سلم اللّه عليك!تذكر يوم بعثت إليك في أمر الحراني لما أمر أمير المؤمنين، رضي اللّه عنه، بضربه فلم تجبني في فلان و في فلان، و جعل يعد ندماءه، و لم تلتفت إلى قولي؟

قلت: نعم يا أمير المؤمنين، أ فتأذن لي في استيفاء الحجة؟قال: نعم، قلت: نشدتك اللّه يا أمير المؤمنين أ يسرك أن وليتني ما ولاني أبوك و أمرتني بأمر فبعث إلي بعض بنيك بأمر يخالف أمرك فأتبعت أمره و عصيت أمرك؟قال: لا، قلت: فكذلك أنا لك و كذا كنت لأبيك و أخيك.

فاستدناني فقبلت يده و أمر بخلع فصبت علي و قال: قد وليتك ما كنت تتولاه فاكض راشدا. فخرجت من عنده و صرت إلى منزلي مفكرا في أمره و أمري و قلت حدث و القوم الذين عصيته في أمرهم ندماؤه و وزراؤه و كتابه فكأني بهم حين يغلب عليه الشراب و قد أزالوه عن رأيه فيّ و حملوه في أمري ما كنت أتخوفه، قال: فإني لجالس و بين يدي بنية لي و الكانون بين يدي و رقاق أشطره بكامخ‌ [1] و أسخنه و أطعمه الصبية حتى توهمت أن الدنيا قد اقتلعت بي و زلزلت لوقع حوافر الدواب و كثرة الضوضاء فقلت: هاه كان و اللّه ما ظننت!فإذا الباب قد فتح و إذا الخدم قد دخلوا و إذا أمير المؤمنين الهادي على حمار في وسطهم، فلما رأيتهم وثبت عن مجلسي مبادرا و قبلت يده و رجله و حافر حماره، فقال: يا أبا عبد اللّه إني فكرت في أمرك فقلت يسبق إلى قلبك أني إذا شربت و جاءني أعداؤك أزالوا ما حسن من رأيي فيك فأقلقك و أوحشك فصرت إلى منزلك لأؤنسك و أعلمك أن السخيمة [2] قد زالت عن قلبي فهات اطعمني ما كنت تأكل و افعل فيه ما كنت تفعل لتعلم أني قد تحرمت بطعامك و أنست بمنزلك فيزول خوفك و وحشتك. فأدنيت إليه ذلك الرقاق و السّكرّجة [3] التي فيها الكامخ فأكل منها ثم قال: هاتوا الزلة التي زللتها لأبي عبد اللّه من مجلسي، فأدخل إلي أربعمائة بغل موقرة دراهم، فقال: هذه زلتك فاستعن بها على أمرك و احفظ هذه البغال عندك فلعلي أحتاج إليها لبعض أسفاري، و انصرف راجعا. فأخبرني موسى بن عبد اللّه أن أباه أعطاه بستانه الذي كان وسط داره فبنى حوله معالف لتلك البغال و كان هو يتولى القيام عليها مدة حياة الهادي.

و حدث من حضر مجلس المأمون و قد أمر بإحضار العباس صاحب الشرطة ببغداد و بين


[1] الكامخ نوع من الأدم.

[2] السخيمة: الحقد و الضغينة الموجودة في النفس.

[3] السكرجة: إناء صغير يؤكل فيه الشي‌ء القليل من الأدم.

نام کتاب : المحاسن و المساوي نویسنده : البيهقي، ابراهيم    جلد : 1  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست