معطياته المعروضة ليست إلاّ ظواهر مختلفة ، غير متناهية تقريباً من التقاليد والعادات والأفكار والقوانين والعوامل الاجتماعية . وهذه المختلفات غير المترابطة ـ حسب الظاهر ـ تشكّل نقطة الشروع للبحث والتحقيق .
وبعد تكميل الدراسة لا بد من تأسيس نظام وقانون ليخلف هذه المختلفات غير المترابطة . فمونتسكيو يريد كما أراد ( ماكس وير ) أن يتجاوز المعطيات التاريخية غير المترابطة إلى النظام المعقول . وهذه هي سيرة علماء الاجتماع ) [1] .
ومحصّل ما ذكره وراء الظواهر الاجتماعية المختلفة التي تظهر وكأنّ كلاًّ منها أجنبي عن الآخر نظام موحّد يكشفه العالم الاجتماعي ، وكل هذه الظواهر مظاهر ذلك النظام والقانون .
وقد حكي عن كتاب ( أسباب عظمة الروم وسقوطهم ) ـ حول استناد الظواهر الاجتماعية المتشابهة إلى علل متشابهة ـ قوله :
( إنّ العالم لا تتحكّم فيه الصدفة . وهذه الملاحظة يمكن أن نبحث عنها في تاريخ الروم ، حيث كانوا ناجحين في سياستهم عندما كان لهم تخطيط في القيادة . ولمّا تركوا مخطّطهم القيادي وسلكوا سبيلاً غيره أُصيبوا بفشل بعد فشل . وهكذا كل نظام ملكي يسير صُعُداً لأسباب جسمية أو أخلاقية ، وتستقر مكانها لأسباب ، وتنزل نحو السقوط لأسباب أُخرى ، فكل الحوادث تتبع أسبابها . ولو تهاوت دولة وسقطت من جرّاء حرب أو أيّة صدفة أُخرى خارجة عن سلسلة العلل ، فلابد أن تكون هناك علّة كلّيّة تسبّبت في ضعف الدولة حتى سقطت بسبب