ويقول : ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ )[1] .
ربّما يقال أنّ آية الاستضعاف لها نفس دلالة الآيات المذكورة بشأن الاستخلاف ووراثة الأرض ، أي إنّ المستضعفين هم أنفسهم المؤمنون والصالحون والمتّقون ، والعكس صحيح أيضاً . وهذا القول مرفوض أيضاً لسببين :
1 ـ لما أثبتناه من قبل بشأن عدم انطباق الاستضعاف مع الإيمان ، فقد قلنا إنّ النظرة القرآنية تتجه نحو إمكان وجود فئة مؤمنة غير مستضعفة ، وإمكان وجود فئة مستضعفة غير مؤمنة . غير أنّ أكثرية أتباع العقيدة التوحيدية في المجتمع الطبقي ـ كما ذكرنا ـ هم من فئة المستضعفين ؛ لأنّ هذه الفئة متحرّرة من العوائق التي تقف أمام فطرة الفئة الأُخرى . لكن الفئة المؤمنة غير منحصرة بفئة المستضعفين إطلاقاً .
2 ـ آية الاستضعاف ، على افتراض انفصالها عن الآيات السابقة والتالية لها ، تشير إلى نوع معيّن من حركة التاريخ ، والآيات الأُخرى بشأن الاستخلاف ووراثة الأرض تشير إلى نوع آخر من حركة مسيرة التاريخ .
آية الاستضعاف تدور حول الصراع الطبقي ، والطاقة المحركة فيها مستمدّة من اضطهاد الطبقة المستكبرة ، ومن الروح الرجعية لطبقة المستضعِفين والروح الثورية لطبقة المستضعَفين ، والنتيجة النهائية لهذا الصراع تتمثل في انتصار الفئة المستضعفة سواء كانت من الذين آمنوا