في هذه الآيات نرى الجبهة المعرضة للأنبياء تتمسّك بمنطق الجبر والقضاء والقدر الجبري ، وتدّعي أنّها فاقدة الاختيار ( لو شاء الرحمن ما عبدناهم ) ، وهذا المنطق هو منطق المنتفعين من الأوضاع السائدة ، منطق الذين لا يريدون حدوث تغيير في الوضع القائم ، فيبرّرون موقفهم بالقضاء والقدر .
وهذه الجبهة المعارضة تتشبّث أحياناً بالتقاليد الموروثة عن آبائهم ، ويضفون على تلك التقاليد صفة القداسة ( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ) ، وهو نفس المنطق السائد بين المحافظين والمنتفعين من الأوضاع السائدة .
والأنبياء ـ مقابل ذلك ـ يتحدثون عن ( الأهدى ) أي الأكثر علمية وأكثر تحريراً وإنقاذاً : ( قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ ) ، وهذا هو منطق الثوريين والكادحين والمسحوقين في الأوضاع السائدة .