غراس الجنة؟» قال: لا حول و لا قوة إلا باللّه‌ [1].

و الصحيح: أن سيدنا إبراهيم الخليل ولد بكوثى من إقليم بابل‌ [2] بالعراق، و أنزل عليه عشر صحف، و أن اللّه أكرمه بأن جعل له لسان صدق فى الآخرين أى ثناء حسنا فليس أحد من الأمم إلا يحبه، و أكرمه بالخلة، و جعل أكثر الأنبياء من ذريته، و ختمهم بنبينا محمد صلى اللّه عليه و سلم.

و هاجر إبراهيم من العراق إلى الشأم، قيل: بلغ من العمر مائة و سبعين سنة، و قيل: مائتى سنة، و دفن فى الأرض المقدّسة و قبره معروف فى البلدة المعروفة بالخليل‌ [3] بينها و بين القدس دون مرحلة.

و فى بعض التواريخ: أن آزر- و هو عمه- كان من أهل حران‌ [4] و نقله إلى بابل أرض نمرود، و اسم أمه نونا و قيل أينونا، و كان إبراهيم تاجرا و تجارته فى البز، و كانت البغال تتناسل و كانت أسرع الدواب فى نقل الحطب لنار إبراهيم فدعا عليها فقطع اللّه نسلها.

قالوا: و سبب موته أنه أتاه ملك فى صورة شيخ كبير، فضيّفه على حسب عادته، فكان يأكل و هو يسيل طعامه و لعابه على لحيته، فقال إبراهيم: يا عبد اللّه، ما هذا؟ قال: بلغت الكبر الذي يكون صاحبه هكذا. قال: و كم أتى عليك؟ قال: مائتا سنة- و لإبراهيم يومئذ مائتا سنة- فكره الحياة لئلا يصير إلى هذا الحال، فمات بلا مرض، عليه الصلاة و السلام.

و حكمة رؤيته صلى اللّه عليه و سلم له فى السماء السابعة؛ لأنه الأب الأخير أى الأدنى ممن لقيه فى السموات فناسب أن يتجدد للنبى بلقيه أنس؛ لتوجهه بعده إلى عالم‌

[1] عزاه السيوطى فى الخصائص الكبرى (1/ 275) لابن أبى حاتم و ابن مردويه.

[2] هى ناحية من نواحى الكوفة بالعراق، كان بها إحدى عجائب الدنيا، و هى حدائق بابل المعلقة، كما قامت بها حضارة و ثنية قديمة، و هى من المدن المشهورة بالعراق الآن.

[3] هى بلدة بفلسطين بها قبر إبراهيم و إسحاق و يعقوب و يوسف (عليهم السلام)، و كان اسمها قديما «حبرون». (مراصد الاطلاع 1/ 480).

[4] هى مدينة قديمة من ديار مضر بينها و بين الرها مسيرة يوم، و هى أول مدينة بنيت بعد الطوفان، و هى مهاجر الخليل إبراهيم (عليه السلام). (مراصد الاطلاع 1/ 389).