بالضرر المترتب على فعله، امّا لو كان جاهلًا بالمفسدة و الضرر المترتب على ذلك الفعل، كما لو وصف شخص دواء سامّاً بأنه نافع و له آثار كذا و كذا، و غرّره بشرب ذلك الدواء، فالسبب هاهنا أقوى من المباشر، و إن كان الفعل صادراً عن الفاعل المختار، و لعلّه من هذه الجهة يقال: ان الطبيب ضامن و إن كان حاذقاً، بل يمكن ان يقال: إِنه يقاد لو كان عالماً بأنه سامّ، و مع ذلك غرّر المريض بشربه.
أقول: ان هذا الدليل على فرض تماميّته لا ينطبق على جميع موارد القاعدة؛ فإن الأقوائية انما تتم مع علم الغارّ، و أمّا مع جهله فلا مجال لها أصلًا، كما لا يخفى.
المقام الثاني-
في مفاد القاعدة و معناها،
فنقول: لا شبهة في ان الغار و المغرور إذا كان كلاهما عالماً بترتب الضرر على الفعل الصادر من المغرور، لا يكون هناك رجوع، كما انه لا يكون غرور أصلًا؛ فإنه مع علم المغرور بأن المأخوذ مغصوب مثلًا و مع ذلك أخذه و تصرف فيه، لا مجال لتحقق الغرور. كما انه لا شبهة في انه إذا كان الغار جاهلًا و المغرور عالماً، لا يكون في البين رجوع و لا غرور بطريق اولى من الصورة المتقدمة.
و أمّا صورة العكس، بان كان الغار عالماً و المغرور جاهلًا فهي القدر المتيقن من القاعدة على تقدير اعتبارها؛ لوضوح تحقق الغرور و عنواني الغارّ و المغرور.
إنّما الإشكال و الارتياب في صورة جهل كليهما، و منشأ الاشكال ان الجاهل بترتب ضرر على فعل إذا أوقع شخصاً في ارتكاب ذلك الفعل بتشويقه اليه و توصيفه بترتب النفع عليه، هل يصدق عليه عنوان الغار؟