نام کتاب : القواعد العامة في الفقه المقارن نویسنده : الحكيم، السيد محمد تقي جلد : 1 صفحه : 107
الأساس، و استغلال هذه الأحكام و إساءة استعمالها من قبل بعض الانتهازيين لا يدخل في حساب المشرّع ابتداء، و إن دخل في حسابه بعد ذلك باتّخاذ الروادع عن أمثال ما يصدر عن بعضهم من إساءات، و هي حالات شاذّة؛ لأنّ المفروض في الإنسان السويّ ألاّ يلجأ إلى أمثال هذه الأساليب في التحايل على الشريعة ما دام يملك مسكة من إيمان... و مثل هؤلاء لهم في الشريعة عقوباتهم الرادعة بالتعزير و أمثاله.
على أنّ المتسامح-و العياذ باللّه-لا تعدمه ذريعة يتوسّل بها للإقدام على المحرّمات، فلا يقتضي أن نعطّل هذه القاعدة-بعد فرض شمولها للمحرّمات-لهذا الاعتبار.
و لعلّ الأقرب إلى الوجه العلميّ ما ربّما يستفاد من كلام الأستاذ نفسه من أنّ حديث «لا ضرر» حديث امتناني، و ليس من المنّة أن يسمح الشارع بارتكاب مفسدة متيقّنة، و هي مفسدة الحرام؛ توقّيا من حدوث ضرر ينشأ عن امتثال المحرّم.
و على هذا فإنّ المحرّمات تكون خارجة عن مورد القاعدة؛ لأنّ موردها امتناني.
و من هنا وجدنا أنّ «اعتناء الشارع بالمنهيّات أشدّ من اعتنائه بالمأمورات، و لذلك قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:
«إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، و إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه» [1] .
و من ثمّ سومح في ترك بعض الواجبات بأدنى مشقّة كالقيام في الصلاة، و الفطر، و الطهارة، و لم يسامح في الإقدام على المنهيات و خصوصا الكبائر» [2] .
و هذا الوجه غير واضح على إطلاقه؛ لأنّا نعلم أنّ الشارع قد تسامح في المحرّمات عند الضرورة-حتى الكبائر-منّة منه على العباد، و سيأتي في قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) [3] ما يؤكد هذا الجانب.
[1] . صحيح البخاري 9: 749 كتاب الاعتصام بالكتاب و السنّة، باب الاقتداء بسنن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ح 2095 بتقديم و تأخير في ألفاظ الحديث.