في أيَّام المُعتصم كان هناك كاتب عاطل يبحث عن عمل ، فكتب حاله بحروف كبيرة على ورقة بهذا المضمون : أنا كاتب وأرجو مِن الخليفة أنْ يستخدمني في عمل أخدم به خزينة الدولة وأنال به لقمة العيش ، وأخذ يتردَّد كلَّ يوم على قصر المُعتصم ، حتَّى إذا رأى الخليفة يُريد الركوب كان يفتح الورقة ويرفعها بين يديه ليراها الخليفة ، حتَّى ضاق الخليفة ذرعاً بإلحاحه بأمر بتشغيله في عمل لا ينال منه شيئاً .
فقالوا : إنَّ المسجد الجامع في البصرة يحتاج إلى تبليط أرضه بالطابوق ، لمنع تكوُّن الطين في الأيَّام الماطرة بسبب الأتربة ، فإذا شاء الخليفة أنْ يكتب له أمراً ليقوم بتنفيذ تلك المُهمَّة ، فوافق الخليفة على ذلك ، فكُتِب الأمر ووقَّعه الخليفة ، فأخذ الكاتب الأمر وسافر إلى البصرة .
في الطريق وقع بصره على صخرة ملوَّنة جميلة ، فأخذها معه وعند وصوله إلى أبواب البصرة أرسل خادمه ليُخبر الناس بقدوم مأمور الخليفة ليستقبلوه ، فحضر الناس وهُمْ يظنُّون أنَّ أمراً مُهمَّاً قد حصل ليُرسل الخليفة مأموراً يحمل أمراً منه .
راح الكاتب يعرض أمر الخليفة على الناس قائلاً : إنَّ أرض المسجد الجامع يجب أنْ تُبلَّط بالحَجر ، فأبدى الناس طاعتهم لأمر الخليفة ، وقالوا : إنَّ ذلك لم يكن يقتضي أمراً مِن الخليفة .
فأخرج الصخرة الملَّونة مِن جيبه وقال : إنَّ أمر الخليفة يوجب تبليط أرض المسجد بصخور مِن هذا النوع ، فبُهت الناس ، مِن أين يأتون بمِثل ذلك الحَجر ؟! والكاتب يُصِرُّ على ذلك .
أخيراً وعلى أثر التماس الناس وإصرارهم وافق الكاتب على تقبُّل مبلغ مِن