خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارَّة ، فلقيت محمد بن علي وكان رجلاً بديناً وهو مُتَّكئ على غُلامين له أسودين ، فقلت في نفسي : شيخ مِن شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا ، أشهد لأعظنَّه ، فدنوت منه فسلَّمت عليه فسلَّم عليَّ وقد تصبَّب عرقاً .
قلت : أصلحك الله ! شيخ مِن أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا ! لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال .
خلَّى عن الغُلامين مِن يده ثمَّ تساند وقال : (لو جاءني ـ والله ـ الموت وأنا في هذه الحال ، جاءني وأنا في طاعة مِن طاعات الله تعالى أكفُّ بها نفسي عنك وعن الناس ، وإنَّما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على مَعصية مِن معاصي الله) .