كان شعس بن قيس مِن كُفَّار المدينة ، وهو بالإضافة إلى ضعفه وعجز الشيخوخة كان يَشعر بالذِّلَّة والحَقارة مِن عِدَّة نواحٍ ، فقد كان يرى المسلمين وقوَّتهم تزداد يوماً بعد يوم ، والكُفَّار يتَّضعون ويتَّضعون ، وكان يرى المسلمين وهم ينظرون إلى الكُفَّار بعين الاحتقار في كلِّ مكان ، وأنَّ عليهم أنْ يستسلموا للحُكومة الإسلاميَّة وهُمْ صاغرون .
هذه وعوامل أُخرى أوجدت لدى شعس بن قيس عُقدة الحَقارة ؛ ولذا كان يُريد أنْ يُبيِّن في فُرصة مُناسبة ردود فعلٍ مُؤثِّرة ليعوِّض عن حَقارته الباطنيَّة . وبما أنَّه كان شيخاً كبيراً في السِّنِّ وعنده تجارب ، فقد استغلَّ اجتماع الأوس والخَزرج ، واستطاع أنْ يُنفِّذ خُطَّة الاختلاف على أساس العصبيَّة القبليَّة بيد شابٍّ يهوديٍّ . وبلغت الخُطَّة مِن الخطورة أنْ أوشكت معها الدماء أنْ تُراق ، لولا تدخُّل الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) مُباشرة واتَّخاذه إجراءات مُباشرة لإخماد الفتنة [1] .