مِن الأشخاص الذين آمنوا بما جاء به الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في بداية البعثة ، وفي ظلِّ أكثر الظروف قساوةً ، عياش بن أبي ربيعة وزوجته أسماء بنت سلامة ، فقد عانا الكثير مِن المشاكل والصعوبات والضغوطات في طريق إعلاء كلمة الحَقِّ .
كان لعياش شقيقان مِن أُمِّه هُما : أبو جهل ، والحارث ، وكان عندما اعتنق الإسلام في الثلاثين مِن عُمُره وزوجته في العشرين مِن العُمر ، وما أنْ أعلن عياش إسلامه حتَّى ثارث ثائرة قومه ، فحاولوا تعذيبه وإلحاق الأذى به ؛ لمنعه مِن اتِّباع النبي (صلى الله عليه وآله) ، إلاَّ أنَّ ذلك لم يؤثِّر به وبقي ثابتاً على إسلامه .
وهاجر عياش وزوجته بمعيَّة مجموعة مِن المسلمين إلى الحبشة ، بأمر مِن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، لكنَّهما عادا إلى مَكَّة ثانية قبل الآخرين ، فتعرَّضا مُجدَّداً لأذى المُشركين وتعذيبهم ، حتَّى حان موعد هِجرة الرسول (صلى الله عليه وآله) والمسلمين إلى المدينة ، فهاجرا وتخلَّصا مِن شَرِّ الأعداء .
وعندما علمت أسماء أُمُّ عياش بهجرة ولدها أقسمت اليمين ، بأنَّها لن تدهن شَعرها ولن تجلِس في فَيء حتَّى يعود عياش ، فشدَّ أبو جهل والحارث الرحال إلى المدينة ، وأخبرا عياش بما أقسمت عليه أُمُّهم ، وقالا له : إنَّك أكثرنا مكانة عند أُمِّنا ، وإنَّك على دين يوصي ببَرِّ الوالدين ، فعُدْ إلى مَكَّة واعبدْ ربَّك فيها كما تعبده هنا في المدينة .
فلمَّا سمع عياش بذلك تألَّم لحال أُمِّه وصَدَّق أخويه ، فطلب منهما عهداً بعدم الخيانة إنْ هو عاد إلى مَكَّة ، فغادر معهما المدينة ، وما أنْ ابتعدوا عن المدينة حتَّى شرعا يُعذِّبانه ويؤذيانه ، فربطاه ودخلا به مَكَّة نهاراً وهو على هذه الحال ، وقالا :